روى في القصة أنهم أقاموا بعد مفارقته عشرين ليلة وحسبوها أربعين مع أيامها وقالوا : قد أكملنا العدة ثم كان أمر العجل بعد ذلك والتوفيق بين هذا وبين قوله لموسى عند مقدمه :﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ من وجهين.
الأول : أنه تعالى أخبر عن الفتنة المترقبة بلفظ الموجودة الكائنة على عادته.
الثاني : أن السامري شرع في تدبير الأمر لما غاب موسى عليه السلام وعزم على إضلالهم حال مفارقة موسى عليه السلام وكأنه قدر الفتنة موجودة.
المسألة الخامسة :
إنما رجع موسى عليه السلام بعد ما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذي الحجة.
المسألة السادسة :
ذكروا في الأسف وجوهاً.
أحدها : أنه شدة الغضب وعلى هذا التقدير لا يلزم التكرار لأن قوله : غضبان يفيد أصل الغضب وقوله : أسفاً يفيد كماله.
وثانيها : قال الأكثرون حزناً وجزعاً يقال أسف يأسف أسفاً إذا حزن فهو آسف.
وثالثها : قال قوم : الآسف المغتاظ وفرقوا بين الاغتياظ والغضب بأن الله تعالى لا يوصف بالغيظ ويوصف بالغضب من حيث كان الغضب إرادة الإضرار بالمغضوب عليه والغيظ تغير يلحق المغتاظ وذلك لا يصح إلا على الأجسام كالضحك والبكاء ثم إن الله تعالى حكى عن موسى عليه السلام أنه عاتبهم بعد رجوعه إليهم قالت المعتزلة : وهذا يدل على أنه ليس المراد من قوله :﴿فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ﴾ أنه تعالى خلق الكفر فيهم وإلا لما عاتبهم بل يجب أن يعاتب الله تعالى قال الأصحاب : وقد فعل ذلك بقوله :﴿إِنْ هِىَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ﴾ [ الأعراف : ١٥٥ ] ومجموع تلك المعاتبات أمور.
أحدها : قوله :﴿يا قوم أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً﴾ وفيه سؤالان :