وثالثها : ما ذكره أبو مسلم وهو أنه يجوز في حمله ما أريد مسي النساء فيكون من تعذيب الله إياه انقطاع نسله فلا يكون له ولد يؤنسه فيخليه الله تعالى من زينتي الدنيا اللتين ذكرهما بقوله :﴿المال والبنون زِينَةُ الحياة الدنيا﴾ [ الكهف : ٤٦ ] وقرىء لا مساس بوزن فجاز وهو إسم علم للمرة الواحدة من المس، وأما شرح حاله في الآخرة فهو قوله :﴿وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ﴾ والموعد بمعنى الوعد أي هذه عقوبتك في الدنيا ثم لك الوعد بالمصير إلى عذاب الآخرة فأنت ممن خسر الدنيا والآخرة وذلك هو الخسران المبين، قرأ أهل المدينة والكوفة : لن تخلفه بفتح اللام أي لن تخلف ذلك الوعد أي سيأتيك به الله ولن يتأخر عنك وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والحسن بكسر اللام أي تجيء إليه ولن تغيب عنه ولن تتخلف عنه وفتح اللام اختيار أبي عبيد كأنه قال : موعداً حقاً لا خلف فيه وعن ابن مسعود : لن نخلفه بالنون فكأنه عليه السلام حكى قول الله تعالى بلفظه كما مر بيانه في قوله :﴿لأَهَبَ لَكِ﴾ [ مريم : ١٩ ] وأما شرح حال إلهه فهو قوله :﴿وانظر إلى إلهك الذى ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً﴾ قال المفضل في ظلت : إنه يقرأ بفتح الظاء وكسرها وكذلك :
﴿فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ﴾ [ الواقعة : ٦٥ ] وأصله ظللت فحذفت اللام الأولى وذلك إنما يكون إذا كانت اللام الثانية ساكنة تستحب العرب طرح الأولى ومن كسر الظاء نقل كسرة اللام الساقطة إليها ومن فتحها ترك الظاء على حالها وكذلك يفعلون في المضاعف يقولون : مسته ومسسته ثم قال :﴿لَّنُحَرّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِى اليم نَسْفاً﴾ وفي قوله :﴿لَّنُحَرّقَنَّهُ﴾ وجهان.


الصفحة التالية
Icon