والقول الثاني : أن الرسول موسى، وأن أثره شريعته التي شرعها وسنته التي سنها، وأن قوله :﴿ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَأ ﴾ أي طرحت شريعة موسى ونبذت سنته، ثم اتخذت العجل جسداً له خوار.
﴿ وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : حدثتني نفسي. قاله ابن زيد.
الثاني : زينت لي نفسي، قاله الأخفش.
قوله عز وجل :﴿ قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن قوله :﴿ فَاذْهَبْ ﴾ وعيد من موسى، ولذا [ فإن ] السامري خاف فهرب فجعل يهيم في البرية مع الوحوش والسباع، لا يجد أحداً من الناس يمسه، حتى صار كالقائل لا مساس، لبعده عن الناس وبعد الناس منه. قالت الشاعرة :
حمال رايات بها قنعاسا... حتى يقول الأزد لا مساسا
القول الثاني : أن هذا القول من موسى [ كان ] تحريماً للسامري، وأن موسى أمر بني إسرائيل ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه، فكان لا يَمَسُّ وَلاَ يُمَسُّ، قال الشاعر :
تميم كرهط السامري وقوله... ألا لا يريد السامري مساسا
أي لا يُخَالِطُونَ وَلاَ يُخَالَطُون.
﴿ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : في الإِمهال لن يقدم.
الثاني : في العذاب لن يؤخر. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon