الصوت من ذلك، فتفرق بنو إسرائيل فرقاً، فقالت فرقة : يا سامري! ما هذا وأنت أعلم به؟ قال : هذا ربكم، ولكن موسى أضل الطريق، فقالت فرقة : لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى.
فإن كان ربنا لم نكن ضيعناه وعجزنا فيه حين رأيناه، وإن لم يكن ربنا فإنّا نتبع موسى، وقالت فرقة : هذا عمل الشيطان، وليس بربنا، ولن نؤمن به ولن نصدق، وأشرب فرقة في قلوبهم الصدق بما قال السامري في العجل وأعلنوا التكذيب به - الحديث.
ثم سبب عن إخباره سبحانه له بذلك قوله :﴿فرجع موسى﴾ أي لما أخبره ربه بذلك ﴿إلى قومه﴾ أي الذين لهم قوة عظيمة على ما يحاولونه ﴿غضبان أسفاً﴾ أي شديد الحزن أو الغضب ؛ واستأنف قوله :﴿قال﴾ لقومه لما رجع إليهم مستعطفاً لهم :﴿يا قوم﴾ وأنكر عليهم بقوله :﴿ألم يعدكم ربكم﴾ الذي طال إحسانه إليكم ﴿وعداً حسناً﴾ أي بأنه ينزل عليكم كتاباً حافظاً، ويكفر عنكم خطاياكم، وينصركم على أعدائكم - إلى غير ذلك من إكرامه.
ولما جرت العادة بأن طول الزمان ناقض للعزائم، مغير للعهود، كما قال أبو العلاء أحمد بن سليمان المعري في هذا البيت :
لا أنسينك إن طال الزمان بنا...
وكم حبيب تمادى عهده فنسي