ليثٌ يَدقُّ الأسدَ الهَمُوسَا...
والأَقْهَبينِ الفيلَ والجاموسَا
وهمس الطعام ؛ أي مضغه وفُوه منضمٌّ ؛ قال الراجز :
لقد رأيتُ عجباً مُذْ أَمْسَا...
عجائزاً مثلَ السَّعَالِي خَمْسَا
يَأْكلْنَ ما أصنع هَمْساً هَمْساً...
وقيل : الهمسُ تحريك الشّفة واللسان.
وقرأ أبيّ بن كعب "فَلاَ يَنْطِقُونَ إِلاَّ همْساً".
والمعنى متقارب ؛ أي لا يسمع لهم نطق ولا كلام ولا صوت أقدام.
وبناء ( ه م س ) أصله الخفاء كيفما تصرف ؛ ومنه الحروف المهموسة، وهي عشرة يجمعها قولك :( حَثَّهُ شَخْصٌ فَسَكَتَ ) وإنما سمى الحرف مهموساً لأنه ضَعُف الاعتمادُ من موضعه حتى جَرَى معه النفَس.
قوله تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ لاَّ تَنفَعُ الشفاعة إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن ﴾ "من" في موضع نصب على الاستثناء الخارج من الأوّل ؛ أي لا تنفع الشفاعة أحداً إلا شفاعة من أذن له الرحمن.
﴿ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ﴾ أي رضي قوله في الشفاعة.
وقيل : المعنى، أي إنما تنفع الشفاعة لمن أذن له الرحمن في أن يشفع له، وكان له قول يرضى.
قال ابن عباس : هو قول لا إله إلا الله.
قوله تعالى :﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ أي من أمر الساعة.
﴿ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ مِن أَمرِ الدنيا قاله قتادة.
وقيل : يعلم ما يصيرون إليه من ثواب أو عقاب "وما خلفهم" ما خلفوه وراءهم في الدنيا.
ثم قيل : الآية عامة في جميع الخلق.
وقيل : المراد الذين يتبعون الداعي.
والحمد لله.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ﴾ الهاء في "به" لله تعالى ؛ أي أحد لا يحيط به علما ؛ إذ الإحاطة مشعرة بالحدّ ويتعالى الله عن التحديد.
وقيل : تعود على العلم ؛ أي أحد لا يحيط علماً بما يعلمه الله.
وقال الطبري : الضمير في "أيديهم" و"خلفهم" و"يحيطون" يعود على الملائكة ؛ أعلم الله من يعبدها أنها لا تعلم ما بين أيديها وما خلفها. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١١ صـ ﴾