وقال الزمخشري : فإن قلت : قد فرقوا بين العوج والعوج فقالوا : العِوَج بالكسر في المعاني، والعَوَج بالفتح في الأعيان والأرض، فكيف صح فيها المكسور العين؟ قلت : اختيار هذا اللفظ له موقع حسن بديع في وصف الأرض بالاستواء والملاسة ونفي الاعوجاج عنها على أبلغ ما يكون، وذلك أنك لو عمدت إلى قطعة أرض فسوّيتها وبالغت في التسوية على عينك وعيون البصراء من الفلاحة، واتفقتم على أن لم يبق فيها اعوجاج قط ثم استطلعت رأي المهندس فيها وأمرته أن يعرض استواءها على المقاييس الهندسية لعثر فيها على عوج في غير موضع لا يدرك بذلك بحاسة البصر، ولكن بالقياس الهندسي فنفى الله عز وجل ذلك العوج الذي دق ولطف عن الإدراك اللهم إلا بالقياس الذي يعرفه صاحب التقدير والهندسة، وذلك الاعوجاج لما لم يدرك إلاّ بالقياس دون الإحساس لحق بالمعاني فقيل فيه عوج بالكسر.
الأمت النتوء اليسير، يقال : مدّ حبله حتى ما فيه أمت انتهى.
﴿ يومئذ ﴾ أي يوم إذ ينسف الله الجبال ﴿ يتبعون ﴾ أي الخلائق ﴿ الداعي ﴾ داعي الله إلى المحشر نحو قوله ﴿ مهطعين إلى الداع ﴾ وهو إسرافيل يقوم على صخرة بيت المقدس يدعو الناس فيقبلون من كل جهة يضع الصور في فيه، ويقول : أيتها العظام البالية والجلود المتمزقة واللحوم المتفرّقة هلم إلى العرض على الرحمن.
وقال محمد بن كعب : يجمعون في ظلمة قد طويت السماء وانتثرت النجوم فينادي مناد فيموتون موته.
وقال عليّ بن عيسى ﴿ الداعي ﴾ هنا الرسول ( ﷺ ) الذي كان يدعوهم إلى الله فيعوجون على الصراط يميناً وشمالاً ويميلون عنه ميلاً عظيماً، فيومئذ لا ينفعهم اتباعه، والظاهر أن الضمير في ﴿ له ﴾ عائد على ﴿ الداعي ﴾ نفى عنه العوج أي ﴿ لا عوج ﴾ لدعائه يسمع جميعهم فلا يميل إلى ناس دون ناس.
وقيل : هو على القلب أي ﴿ لا عوج ﴾ لهم عنه بل يأتون مقبلين إليه متبعين لصوته من غير انحراف.