وقال أبو السعود :
﴿ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الجبال ﴾
أي عن مآل أمرِها وقد سأل عنه رجل من ثقيف، وقيل : مشركو مكةَ على طريق الاستهزاء ﴿ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّى نَسْفاً ﴾ أي يجعلها كالرمل ثم يُرسل عليها الرياحَ فتُفرّقها والفاء للمسارعة إلى إلزام السائلين ﴿ فَيَذَرُهَا ﴾ الضميرُ إما للجبال باعتبار أجزائِها السافلةِ الباقيةِ بعد النسفِ وهي مقارُّها ومراكزُها، أي فيذر ما انبسط منها وساوى سطحُه سطوحَ سائرِ أجزاءِ الأرض بعد نسفِ ما نتَأ منها ونشَز، وإما للأرض المدلول عليها بقرينة الحالِ لأنها الباقيةُ بعد نسفِ الجبال، وعلى التقديرين يذر الكلَّ ﴿ قَاعاً صَفْصَفاً ﴾ لأن الجبالَ إذا سُوّيت وجُعل سطحُها مساوياً لسطوح سائر أجزاءِ الأرض فقد جُعل الكلُّ سطحاً واحداً، والقاعُ قيل : السهلُ، وقيل : المنكشفُ من الأرض، وقيل : المستوى الصُّلْبُ منها، وقيل : ما لا نباتَ فيه ولا بناء، والصفْصفُ الأرضُ المستويةُ الملساءُ كأن أجزاءَه صفٌّ واحد من كل جهة، وانتصابُ قاعاً على الحالية من الضمير المنصوبِ أو هو مفعولٌ ثانٍ ليذر على تضمين معنى التصييرِ وصفصفاً إما حالٌ ثانية أو بدلٌ من المفعول الثاني وقوله تعالى :﴿ لاَّ ترى فِيهَا ﴾ أي في مقارّ الجبال أو في الأرض على ما مر من التفصيل ﴿ عِوَجَا ﴾ بكسر العين أي اعوجاجاً ما، كأنه لغاية خفائِه من قبيل ما في المعاني أي لا تدركه إن تأملْتَ بالمقاييس الهندسية ﴿ وَلا أَمْتاً ﴾ أي نتُوءاً يسيراً استئنافٌ مبينٌ لكيفية ما سبق من القاع الصفْصَف أو حالٌ أخرى أو صفة لقاعاً، والخطابُ لكل أحدٍ ممن تتأتى منه الرؤيةُ، وتقديمُ الجارّ والمجرور على المفعول الصريحِ لما مر مراراً من الاهتمام بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخر مع ما فيه من طول ربما يُخلُّ تقديمُه بتجاوب أطرافِ النظم الكريم ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ أي يومَ إذْ نُسفت الجبالُ على إضافة اليوم إلى وقت النسْفِ وهو ظرفٌ لقوله تعالى :﴿ يَتَّبِعُونَ الداعى ﴾ وقيل : بدلٌ