ونسبه إلى الأمّ مع كونه أخاه لأبيه وأمه، عند الجمهور ؛ استعطافاً له وترقيقاً لقلبه، ومعنى ﴿ وَلاَ بِرَأْسِي ﴾ : ولا بشعر رأسي، أي لا تفعل هذا بي عقوبة منك لي، فإن لي عذراً هو ﴿ إِنّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى إِسْرءيلَ ﴾ أي خشيت إن خرجت عنهم وتركتهم أن يتفرقوا فتقول : إني فرقت جماعتهم وذلك لأن هارون لو خرج لتبعه جماعة منهم وتخلف مع السامريّ عند العجل آخرون، وربما أفضى ذلك إلى القتال بينهم، ومعنى ﴿ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴾ : ولم تعمل بوصيتي لك فيهم، إني خشيت أن تقول : فرّقت بينهم، وتقول لم تعمل بوصيتي لك فيهم وتحفظها، ومراده بوصية موسى له هو قوله :﴿ اخلفنى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ ﴾ [ الأعراف : ١٤٢ ].
قال أبو عبيد : معنى ﴿ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴾ : ولم تنتظر عهدي وقدومي لأنك أمرتني أن أكون معهم، فاعتذر هارون إلى موسى ها هنا بهذا، واعتذر إليه في الأعراف بما حكاه الله عنه هنالك حيث قال :﴿ إِنَّ القوم استضعفونى وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِى ﴾ [ الأعراف : ١٥٠ ].
ثم ترك موسى الكلام مع أخيه وخاطب السامريّ فقَال :﴿ فَمَا خَطْبُكَ ياسامري ﴾ أي ما شأنك وما الذي حملك على ما صنعت ﴿ قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ ﴾ أي قال السامريّ مجيباً على موسى : رأيت ما لم يروا أو علمت بما لم يعلموا وفطنت لما لم يفطنوا له، وأراد بذلك : أنه رأى جبريل على فرس الحياة فألقى في ذهنه أن يقبض قبضة من أثر الرسول، وأن ذلك الأثر لا يقع على جماد إلا صار حياً.


الصفحة التالية
Icon