والأرض، ويموت العالمون فتخلو الأرض والسماء ؛ قال : ثم يكشف سبحانه عن بيت في سقر فيخرج لهيب النار فيشتعل في البحور فتنشف، ويدع الأرض جمرة سوداء، والسماوات كأنها عكر الزيت والنحاس المذاب، ثم يفتح تعالى خزانة من خزائن العرش فيها بحر الحياة، فيمطر به الأرض، وهو كمنيّ الرجال فتنبت الأجسام على هيئتها، الصبى صبي، والشيخ شيخ، وما بينهما، ثم تهب من تحت العرش نار لطيفة فتبرز الأرض ليس فيها جبل ولا عوج ولا أمت، ثم يحيى الله إسرافيل فينفخ في الصور من صخرة القدس، فتخرج الأرواح من ثقب في الصور بعددها كل روح إلى جسدها حتى الوحش والطير فإذا هم بالساهرة.
ولما أخبر سبحانه بنزول ما يكون منه العوج في الصوت قال :﴿يومئذ﴾ أي إذ ينفخ في الصور فتنسف الجبال ﴿يتبعون﴾ أي أهل المحشر بغاية جهدهم ﴿الداعي﴾ أي بالنفخ منتصبين إليه على الاستقامة ﴿لا عوج له﴾ أي الداعي في شيء من قصدهم إليه، لأنه ليس في الأرض ما يحوجهم إلى التعريج ولا يمنع الصوت من النفوذ على السواء ؛ وقال أبو حيان : أي لا عوج لدعائه، بل يسمع جميعهم فلا يميل إلى ناس دون ناس.
ولما أخبر بخشوعهم في الحديث والانقياد للدعوة، أخبر بخشوع غير ذلك من الأصوات التي جرت العادة بكونها عن الاجتماع فقال :﴿وخشعت الأصوات﴾ أي ارتخت وخفيت وخفضت وتطامنت لخشوع أهلها ﴿للرحمن﴾ أي الذي عمت نعمه، فيرجى كرمه، ويخشى نقمه ﴿فلا﴾ أي فيتسبب عن رخاوتها أنك ﴿تسمع إلا همساً﴾ أخفى ما يكون من الأصوات، وقيل : أخفى شيء من أصوات الأقدام.