عادل لقوله ﴿ من حمل ظلماً ﴾ [ طه : ١١١ ]، وفي قوله ﴿ من الصالحات ﴾ تيسير في الشرع لأنها ﴿ من ﴾ التي للتبعيض، و" الظلم " أعم من " الهضم " وهما يتقاربان في المعنى ويتداخلان، ولكن من حيث تناسقا في هذه الآية ذهب قوم إلى تخصيص كل واحد منهما بمعنى، فقالوا " الظلم " أن تعظم عليه سيئاته وتكثر أكثر مما يجب، و" الهضم " أن ينقض حسناته ويبخسها، وكلهم قرأ ﴿ فلا يخاف ظلماً ﴾ على الخبر، غير ابن كثير فإنه قرأ " فلا يخف " على النهي، ثم قال تعالى :﴿ وكذلك أنزلناه ﴾ أي كما قدرنا هذه الأمور وجعلناها حقيقة بالمرصاد للعباد كذلك حذرنا هؤلاء أمرنا و﴿ أنزلناه قرآناً عربياً ﴾ وتوعدنا فيه بأنواع من الوعيد ﴿ لعلهم ﴾ بحسب توقع البشر وترجيهم ﴿ يتقون ﴾ الله ويخشون عقابه فيؤمنون ويتذكرون نعمه عندهم وما حذرهم من أليم عقابه، هذا تأويل فرقة في قوله ﴿ أو يحدث لهم ذكراً ﴾ وقالت فرقة معناه أو يكسبهم شرفاً ويبقي عليهم إيمانهم ذكراً صالحاً في الغابرين، وقرأ الحسن البصري " أو يحدثْ " ساكنة الثاء، وقرأ مجاهد " أو نحدثْ " بالنون وسكون الثاء ولا وجه للجزم الا على أن يسكن حرف الإعراب استثقالاً لحركته، وهذا نحو قول جرير ولا يعرفكم العرب. وقوله ﴿ فتعالى الله الملك الحق ﴾ ختم للقول لأنه لما قدم صفة سلطانه يوم القيامة وعظم قدرته وذلة عبيده وحسن تلطفه بهم ختم ذلك بهذه الكلمة وجعل بعد ذلك الأمر بنوع آخر من القول وقوله تعالى :﴿ ولا تعجل بالقرآن ﴾ قالت فرقة سببه أن النبي ﷺ كان يخاف وقت تكلم جبريل له أن ينسى أول القرآن فكان يقرأ قبل أن يستتم جبريل عيله السلام الوحي فنزلت في ذلك، وهي على هذا في معنى قوله تعالى :﴿ لا تحرك به لسانك لتعجل به ﴾ [ القيامة : ١٦ ] وقالت فرقة سبب هذه الآية أن النبي ﷺ كان إذا أوحي إليه القرآن أمر بكتبه للحين فأمره الله تعالى في هذه الآية أن يتأنى حتى


الصفحة التالية
Icon