وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وعَنَتِ الوجوه ﴾
قال الزجاج :"عَنَتْ" في اللغة : خضعت، يقال : عنا يعنو : إِذا خضع، ومنه قيل : أُخِذتْ البلاد عَنْوَةً : إِذا أُخذتْ غَلَبة، وأُخذتْ بخضوع من أهلها.
والمفسرون : على أن هذا في يوم القيامة، إِلا ما روي عن طلق بن حبيب : هو وضع الجبهة والأنف والكفّين والرُّكبتين وأطراف القدمين على الأرض للسجود.
وقد شرحنا في آيةالكرسي معنى ﴿ الحي القيوم ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ].
قوله تعالى :﴿ وقد خاب مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ﴾ قال ابن عباس : خَسِر من أشرك بالله.
قوله تعالى :﴿ ومَن يعملْ مِنَ الصالحات وهو مؤمن ﴾ "مِنْ" هاهنا للجنس.
وإِنما شرط الإِيمان، لأن غير المؤمن لا يُقبَل عملُه، ولا يكون صالحاً، ﴿ فلا يخاف ﴾ أي : فهو لا يخاف.
وقرأ ابن كثير :"فلا يَخَفْ" على النهي.
قوله تعالى :﴿ ظُلْماً ولا هَضماً ﴾ فيه أربعة أقوال.
أحدها : لا يخاف أن يُظلَم فيُزاد في سيِّئاته، ولا أن يُهضَم من حسناته، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني : لا يخاف أن يُظلَم فيزاد من ذَنْب غيره، ولا أن يُهضم من حسناته، قاله قتادة.
والثالث : أن لا يخاف أن يؤاخَذ بما لم يعمل، ولا يُنتقص من عمله الصالح، قاله الضحاك.
والرابع : لا يخاف أن لا يُجزَى بعمله، ولا أن يُنقَص من حَقِّه، قاله ابن زيد.
قال اللغويون : الهَضْم : النَّقْص، تقول العرب : هضمتُ لك من حَقِّي، أي : حَطَطْتُ، ومنه : فلان هضيم الكَشْحَيْن، أي : ضامر الجنبين، ويقال : هذا شيء يهضم الطعام، أي : ينقص ثِقْله.
وفرق بعض المفسرين بين الظُّلم والهَضْم، فقال : الظُّلم : منع الحق كلِّه، والهضم : منع البعض، وإِن كان ظُلْماً أيضاً.
قوله تعالى :﴿ وكذلك أنزلناه ﴾ أي : وكما بيَّنَّا في هذه السورة، أنزلناه، أي : أنزلنا هذا الكتاب ﴿ قرآناً عربيّاً وصرَّفنا فيه من الوعيد ﴾ أي : بيَّنَّا فيه ضروب الوعيد.


الصفحة التالية
Icon