وأما قوله :﴿فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشيطان﴾ فقد تقدم في سورة البقرة أنه كيف وسوس، وبماذا وسوس.
فإن قيل : كيف عدى وسوس تارة باللام في قوله :﴿فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان﴾ [ الأعراف : ٢٠ ] وأخرى بإلى ؟ قلنا قوله :﴿فوسوس له﴾ معناه لأجله وقوله :﴿وسوس إِلَيْهِ﴾ معناه أنهى إليه الوسوسة كقوله حدث له وأسر إليه ثم بين أن تلك الوسوسة كانت بتطميعه في أمرين : أحدهما : قوله :﴿هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد﴾ أضاف الشجرة إلى الخلد وهو الخلود لأن من أكل منها صار مخلداً بزعمه.
الثاني : قوله :﴿وَمُلْكٍ لاَّ يبلى﴾ أي من أكل من هذه الشجرة دام ملكه، قال القاضي : ليس في الظاهر أن آدم قبل ذلك منه بل لو وجدت هذه الوسوسة حال كون آدم عليه السلام نبياً لاستحال أن يكون آدم عليه السلام قبل ذلك منه، لأنه لا بد وأن تحصل بين حال التكليف وحال المجازاة فترة بالموت، وبالمعنى فآدم لما كان نبياً امتنع أن لا يعلم ذلك.
قلنا : لا نسلم بأنه لا بد من حصول هذه الفترة بين حال التكليف وحال المجازاة، ولم لا يجوز أن يقال : لا حاجة إلى الفترة أصلاً، وإن كان ولا بد فيكفي حصول الفترة بغشي أو نوم خفيف.