وقال ابن عطية :
ثم أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة وتمثيلها معهم ويصطبر عليها ويلازمها ويتكفل هو برزقه لا إله إلاَّ هو، وأخبره أن العاقبة الأولى التقوى وفي حيزها فثم نصر الله في الدنيا ورحمته في الآخرة، وهذا الخطاب للنبي ﷺ، ويدخل في عمومه جمع أُمته. وروي أن عروة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئاً من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله وهو يقرأ ﴿ ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا ﴾ الآية إلى قوله ﴿ وأبقى ﴾، ثم ينادي بالصلاة الصلاة يرحكم الله، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي هو ويتمثل بهذه الآية، وقرأ الجمهور " نحن نرزقُك " بضم القاف، وقرأت فرقة " نزرقْك " بسكونها، ثم أخبر تعالى عن طوائف من الكفار قالوا عن محمد ﷺ، ﴿ لولا يأتينا بآية من ربه ﴾ أي بعلامة مما اقترحناها عليه وبما يبهر ويضطر.
قال القاضي أبو محمد : ورسل الله إنما اقترنت معهم آيات معرضة للنظر محفوفة بالبراهين العقلية ليضل من سبق في علم الله تعالى ضلاله ويهتدي من في علم الله تعالى هداه، فيوبخهم الله تعالى بقوله ﴿ أو لم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى ﴾ يعني التوراة أعظم شاهد وأكبر آية له. وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص عن عاصم " تأتهم " على لفظة ﴿ بينة ﴾ وقرأ الباقون وأبو بكر عن عاصم " يأتهم " بالياء على المعنى، وقرأت فرقة " بينةُ ما " بالإضافة إلى ﴿ ما ﴾ وقرأت فرقة " بينةٌ " بالتنوين، و﴿ ما ﴾ على هذه القراءة فاعلة ب " تأتي "، وقرأ الجمهور " في الصحُف " بضم الحاء، وقرأت فرقة " في الصحْف " بسكونها.
﴿ وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا ﴾