قوله تعالى :﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بالصلاة ﴾ أمره تعالى بأن يأمر أهله بالصلاة ويمتثلها معهم، ويصطبر عليها ويلازمها.
وهذا الخطاب للنبي ﷺ ويدخل في عمومه جميع أمته، وأهل بيته على التخصيص.
وكان عليه السلام بعد نزول هذه الآية يذهب كل صباح إلى بيت فاطمة وعليّ رضوان الله عليهما فيقول :"الصلاة".
ويروى أن عُرْوة بن الزبير رضي الله عنه كان إذا رأى شيئاً من أخبار السلاطين وأحوالهم بادر إلى منزله فدخله، وهو يقرأ ﴿ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ﴾ الآية إلى قوله :﴿ وأبقى ﴾ ثم ينادي بالصلاة : الصلاة يرحمكم الله ؛ ويصلّي.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوقظ أهل داره لصلاة الليل ويصلي وهو يتمثل بالآية.
قوله تعالى :﴿ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً ﴾ أي لا نسألك أن ترزق نفسك وإياهم، وتشتغل عن الصلاة بسبب الرزق، بل نحن نتكفل برزقك وإياهم ؛ فكان عليه السلام إذا نزل بأهله ضيق أمرهم بالصلاة.
وقد قال الله تعالى :﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجن والإنس إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَآ أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَآ أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ الله هُوَ الرزاق ﴾ [ الذاريات : ٥٦ ٥٨ ].
قوله تعالى :﴿ والعاقبة للتقوى ﴾ أي الجنة لأهل التقوى ؛ يعني العاقبة المحمودة.
وقد تكون لغير التقوى عاقبة ولكنها مذمومة فهي كالمعدومة.
قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ لَوْلاَ يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ﴾
يريد كفار مكة ؛ أي لولا يأتينا محمد بآية توجب العلم الضروري.
أو بآية ظاهرة كالناقة والعصا.
أو هلا يأتينا بالآيات التي نقترحها نحن كما أتى الأنبياء من قبله.
قال الله تعالى :﴿ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصحف الأولى ﴾ يريد التوراة والإنجيل والكتب المتقدمة، وذلك أعظم آية إذ أخبر بما فيها.
وقرىء "الصحف" بالتخفيف.
وقيل : أولم تأتهم الآية الدالة على نبوته بما وجدوه في الكتب المتقدمة من البشارة.