وعن عيسى ابن مريم عليه السلام قال : لا تتخذوا الدنيا رباً فتتخذكم لها عبيداً، وعن عروة بن الزبير أنه كان إذا رآى ما عند السلاطين يتلو هذه الآية، وقال الصلاة يرحمكم الله، أما قوله عز وجل :﴿إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ﴾ [ أي ] ألذذنا به، والإمتاع الإلذاذ بما يدرك من المناظر الحسنة ويسمع من الأصوات المطربة ويشم من الروائح الطيبة وغير ذلك من الملابس والمناكح، يقال أمتعه إمتاعاً ومتعه تمتيعاً والتفعيل يقتضي التكثير، أما قوله :﴿أزواجا مّنْهُمْ﴾ أي أشكالاً وأشباهاً من الكفار وهي من المزاوجة بين الأشياء وهي المشاكلة، وذلك لأنهم أشكال في الذهاب عن الصواب، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : أصنافاً منهم، وقال الكلبي والزجاج : رجالاً منهم، أما قوله :﴿زَهْرَةَ الحياة الدنيا﴾ ففي انتصابه أربعة أوجه.
أحدها : على الذم وهو النصب على الاختصاص أو على تضمين متعنا معنى أعطينا وكونه مفعولاً ثانياً له أو على إبداله من محل الجار والمجرور أو على إبداله من أزواجاً على تقدير ذوي، فإن قيل : ما معنى الزهرة فيمن حرك قلنا معنى الزهرة بعينه وهو الزينة والبهجة كما جاء في الجهرة.
قرىء : أرنا الله جهرة، وأن يكون جمع زاهر وصفاً لهم بأنهم زهرة هذه الدنيا لصفاء ألوانهم وتهلل وجوههم بخلاف ما عليه الصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب، أما قوله :﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ فذكروا فيه وجوهاً.
أحدها : لنعذبهم به كقوله :﴿فَلاَ تُعْجِبْكَ أموالهم وأولادهم إِنَّمَا يُرِيدُ الله لِيُعَذّبَهُمْ بِهَا فِي الحياة الدنيا﴾ [ التوبة : ٥٥ ].
وثانيها : قال ابن عباس رضي الله عنهما : إضلالاً مني لهم.