ولما كانت النفس بكليتها مصروفة إلى أمر المعاش، كانت كأنها تقول : فمن أين يحصل الرزق؟ فقال :﴿نحن﴾ بنون العظمة ﴿نرزقك﴾ لك ولهم ما قدرناه لكم من أيّ جهة شئنا من ملكنا الواسع وإن كان يظن أنها بعيدة، ولا ينفع في الرزق حول محتال، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا تدأبوا في تحصيله والسعي فيه، فإن كلاًّ من الجاد فيه والمتهاون به لا يناله أكثر مما قسمناه له في الأزل ولا أقل، فالمتقي لله المقبل على ذكره واثق بوعده قانع راض فهو في أوسع سعة، والمعرض متوكل على سعيه فهو في كد وشقاء وجهد وعناء أبداً ﴿والعاقبة﴾ أي الكاملة، وهي التي لا عاقبة في الحقيقة غيرها، وهي الحالة الجميلة المحمودة التي تعقب الأمور، أي تكون بعدها ﴿للتقوى﴾ أي لأهلها، ولا معولة على الرزق وغيره توازي الصلاة، فقد كان رسول الله ـ ﷺ ـ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة - أخرجه أحمد عن حذيفة وعلقه البغوي في آخر سورة الحجر، وقال الطبراني في معجمه الأوسط : ثنا أحمد - هو ابن يحيى الحلواني - ثنا سعيد - هو ابن سليمان - عن عبد الله بن المبارك عن معمر عن محمد بن حمزة عن عبد الله بن سلام ـ رضى الله عنهم ـ قال : كان النبي ـ ﷺ ـ إذا نزل بأهله الضيق أمرهم بالصلاة، ثم قرأ ﴿وأمر أهلك بالصلاة﴾ الآية.


الصفحة التالية
Icon