ثم وصف هؤلاء المتقين الذين يعملون بالفرقان الموصوف بالأوصاف المذكورة بقوله "الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ" من حيث لم يرونه فيعبدونه في خلواتهم إذا غابوا عن أعين الناس ويمتنعون من مخالفته خوفا من أن يراهم لعلمهم أنه مطلع على سرّهم وجهرهم، لأن من عبد اللّه وعلم أنه يراه أحسن عبادته وخشع فيها وخضع لربه "وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ" ٤٩ خائفون من هولها قبل أن يروها لأنهم آمنوا بها على الغيب تصديقا لرسلهم وكتابهم "وَهذا" القرآن "ذِكْرٌ مُبارَكٌ" عظيم الخير كثير البركات جامع لمنافع الدنيا والآخرة "أَنْزَلْناهُ" عليك يا سيد الرسل كما أنزلنا الكتب على من قبلك عيسى وموسى فمن قبلهم "أَ فَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ" ٥٠ يا أهل مكة إنزاله على نبيكم وشمول بركته لكم وخيره فيكم، وهل أنتم جاحدون صحبته، وهذا استفهام على طريق الإنكار والتقريع يضاهي ما جاء في الآية ١٧٥ من سورة الأنعام المارة.
قال تعالى "وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ" موسى وهارون "وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ" ٥١ بأنه أهل لما آتيناه لما هو عليه من الكمال والإخلاص لنا، قالوا لما ألقي في النار قال له جبريل عليهما السلام سل ربك ينقذك منها، قال له علمه بحالي يغني عن سؤالي، وقال ألك حاجة ؟ قال أما إليك فلا.


الصفحة التالية
Icon