مطلب إلقاء إبراهيم في النار وماذا قال لربه وملائكته وفي مدح الشام :
قالوا لما وضع إبراهيم بالمقذف ليرمى في النار صاحت ملائكة الأرض والسماء، ربنا ائذن لنا في نصرته فليس في الأرض أحد يعبدك غيره، فقال إنه خليلي وأنا إلهه فإن استغاثكم فأغيثوه، قالوا فجاء خازن المياه وقال له إن أردت أخمدت
النار، وأتاه خازن الهواء فقال له إن أردت طيّرت النار، فقال لا حاجة لي إليكم، حسبي اللّه ونعم الوكيل، وقالوا إنه قال حين ألقي بالنار : لا إله إلا أنت لك الحمد ولك الملك لا شريك لك.
فاستقبله جبريل فقال له يا إبراهيم ألك حاجة ؟
قال أما إليك فلا، قال اسأل ربك، قال حسبي من سؤالي علمه بحالي.
روى البخاري عن ابن عباس في قوله تعالى (وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) قال :
قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي بالنار، وقالها محمد صلّى اللّه عليه وسلم حين قال لهم الناس (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ) الآية ١٧٣ من آل عمران في ج ٣.
قالوا وصار كل شيء يسعى ليطفي النار على إبراهيم إلا الوزغ فإنه كان ينفخها، وروى البخاري ومسلم عن أم شريك قالت : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أمر بقتل الأوزاغ.
زاد البخاري قال : وكان ينفخ على إبراهيم.
قال ابن عباس : لو لم يقل اللّه تعالى سلاما لمات إبراهيم من بردها.
وجاء في الآثار أنه لم تبق نار في الأرض ذلك اليوم إلا أطفئت، ولو لم يقل على إبراهيم لبقيت باردة أبدا، ولم ينتفع بها أحد، قالوا وبقي إبراهيم فيها سبعة أيام ولم يحترق إلا وثاقه، لأنه من أعدائه وفي حرقه خلاصه من التكتيف فكان لمنفعته، وإلا لم يحرق تبعا للباسه.