الشيء على حكم، وعليه يكون المعنى أن الإله إله واحد لا غير البتة، وهو الذي أوحى إلي ما تلوته عليكم "فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" ١٠٨ منقادون إلى توحيد اللّه.
وهذا استفهام بمعنى الأمر، مثله في قوله تعالى (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) الآية ٩١ من المائدة في ج ٣ أي هلا تنتهون عن شرب الخمر واللعب بالميسر وكل ما نهى اللّه عنه ؟
والمعنى هنا هلا أسلمتم بعد ما أوضحنا إليكم الدلائل، فأسلموا تسلموا خير لكم، ولهذا يقول اللّه "فَإِنْ تَوَلَّوْا" عنك يا محمد ولم يذعنوا لك "فَقُلْ آذَنْتُكُمْ" أعلمتكم وأنذرتكم أيها الناس ما أمرني به ربي.
وكلمة آذن تتضمن الإنذار والتحذير من الحرب، ولا سيما قد تقدمه الإنذاران المشار إليهما آنفا، وهذه كلها من مقدمات الهجرة التي آن أوانها والتي ستكون سببا للحروب معهم وغيرهم كما يدل عليه قوله تعالى "عَلى سَواءٍ" أي لم أخص أحدا منكم بذلك الإعلام المسبوق
بالإنذارين، وإنما أعمكم جميعا لأنكم في المعاداة سواء.
على وجه نستوي فيه نحن وأنتم بالإعلام والإخطار، وهذه طريقة الأنبياء قبلي إذ كانوا يخوفونهم وينذرونهم عذاب اللّه، لا يخصون بإنذارهم أحدا، وهانذا أنصحكم فتأهبوا لما يراد بكم "وَإِنْ أَدْرِي" وما أعلم يا قوم "أَ قَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ" ١٠٩ به من العذاب الذي تجازون به على أعمالكم القبيحة، لأن اللّه لم يطلعني عليه ولا على وقت وقوعه، فأنا وأنتم بعدم العلم به سواء، ولكنه كائن لا محالة "إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ ما تَكْتُمُونَ" ١١٠ لا يعزب عنه شيء فكل ما تكنّونه لي من الحقد والإحن وما تطعنون بي وبديني معلوم عند اللّه، ولا بد أن ينتقم لي منكم إن لم تتوبوا وترجعوا عن غيكم في الدنيا أو في الآخرة، وإني لأرجو أن ينتقم منكم فيهما إن بقيتم مصرين


الصفحة التالية
Icon