وقال ابن عاشور :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

سورة الأنبياء
سماها السلف " سورة الأنبياء ".
ففي " صحيح البخاري " عن عبد الله بن مسعود قال :" بنو إسرائيل، والكهف، ومريم، طه، والأنبياء، هن من العتاق الأول وهن من تلادي ".
ولا يعرف لها اسم غير هذا.
ووجه تسميتها سورة الأنبياء أنها ذكر فيها أسماء ستة عشر نبيا ومريم ولم يأت في سورة القرآن مثل هذا العدد من أسماء الأنبياء في سور القرآن عدا ما في سورة الأنعام.
فقد ذكر فيها أسماء ثمانية عشر نبيا في قوله تعالى :﴿وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ﴾ إلى قوله :﴿وَيُونُسَ وَلُوطاً﴾ فإن كانت سورة الأنبياء هذه نزلت قبل سورة الأنعام فقد سبقت بالتسمية بالإضافة إلى الأنبياء، وإلا فاختصاص سورة الأنعام بذكر أحكام الأنعام أوجب تسميتها بذلك الاسم فكانت سورة الأنبياء أجدر من بقية سور القرآن بهذه التسمية، على أن من الحقائق المسلمة أن وجه التسمية لا يوجبها.
وهي مكية بالاتفاق.
وحكي ابن عطية والقرطبي الإجماع على ذلك ونقل السيوطي في " الإتقان " استثناء قوله تعالى :﴿أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾، ولم يعزه إلى قائل.
ولعله أخذه من رواية عن مقاتل والكلبي عن ابن عباس أن المعنى ننقصها بفتح البلدان، أي بناء على أن المراد من الرؤية في الآية الرؤية البصرية، وأن المراد من الأرض أرض الحجاز، وأن المراد من النقص نقص سلطان الشرك منها.
وكل ذلك ليس بالمتعين ولا بالراجح.
وسيأتي بيانه في موضعه.
وقد تقدم بيانه في نظيرها من سورة الرعد التي هي أيضا مكية بالأرجح أن سورة الأنبياء مكية كلها.


الصفحة التالية
Icon