بعد أن أبان سبحانه فى سابق الآيات أن كثيرا من الأمم المكذبة لرسلها قد أبيدت وأنشئ بعدها أقوام آخرون، وأنهم حين أحسوا بالبأس ارعووا وندموا حيث لا ينفع الندم ثم أردف ذلك ذكر أن من فى السموات والأرض عبيده، وأن الملائكة لا يستكبرون عن عبادته، ولا يكلّون ولا يملون منها - ذكر هنا أنه كان يجب عليهم أن يبادروا إلى التوحيد، لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل فعلوا ضده فكانوا جديرين بالتوبيخ والتعنيف، ثم أقام البرهان على وحدانيته وأنه لو كان فى السموات والأرض إلهان لهلك من فيهما، تنزه ربنا عما يقول هؤلاء المشركون، وقد كذب من اتخذ آلهة لا دليل عليها، وأن جميع الأديان جاءت بإخلاص التوحيد، كما كذب من جعل للّه ولدا فقال : الملائكة بنات اللّه، والملائكة خلق مطيعون لربهم لا يفعلون إلا ما يؤمرون به ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، وهم من خوفه حذرون، ومن يقل منهم إنه إله فلا جزاء له إلا جهنم، وهى جزاء كل ظالم
الرتق : الضم والالتحام خلقة كان أو صنعة، والفتق : الفصل بين الشيئين الملتصقين، الرواسي : الثوابت واحدها راسية، وتميد : تتحرك وتضطرب، والفجاج واحدها فج، وهو شقة يكتنفها جبلان، والسبل واحدها سبيل : وهو الطريق الواسع والفلك : كل شىء دائر، وجمعه أفلاك.
الخلد : الخلود والبقاء، الذوق : هنا الإدراك والمراد من الموت مقدماته من الآلام العظيمة، والمدرك لذلك هى النفس المفارقة التي تدرك مفارقتها للبدن، ونبلوكم :
أي نختبركم والمراد نعاملكم معاملة من يختبركم، بالخير والشر : أي المحبوب والمكروه، فتنة : أي ابتلاء، إن يتخذونك إلا هزوا : أي ما يتخذونك إلا مهزوءا به مسخورا منه.