وقوله أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ [٣٤] دخلت «١» الفاء فى الجزاء وهو (إن) وفى جوابه لأن الجزاء متّصل بقرآن قبله. فأدخلت فيه ألف الاستفهام على الفاء من الجزاء. ودخلت الفاء فى قوله (فهم) لأنه جواب للجزاء. ولو حذفت الفاء من قوله (فهم) كان صوابا من وجهين أحدهما أن تريد الفاء فتضمرها، لأنها لا تغيّر (هم) عن رفعها فهناك يصلح الإضمار. والوجه الآخر أن يراد تقديم (هم) إلى الفاء فكأنّه ١١٦ ب قيل : أفهم الخالدون إن متّ.
وقوله : كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ [٣٥] ولو نوّنت فى (ذائقة) ونصبت (الموت) كان صوابا.
وأكثر ما تختار العرب التنوين والنصب فى المستقبل. فإذا كان معناه ماضيا لم يكادوا يقولون إلّا بالاضافة. فأمّا المستقبل فقولك : أنا صائم يوم الخميس إذا كان خميسا مستقبلا. فإن أخبرت عن صوم يوم خميس ماض قلت : أنا صائم يوم الخميس فهذا وجه العمل. ويختارون أيضا التنوين. إذا كان مع الجحد. من ذلك قولهم : ما هو بتارك حقّه، وهو غير تارك حقه، لا يكادون يتركون التنوين.
وتركه كثير جائز وينشدون قول أبى الأسود :
فألفيته غير مستعتب ولا ذاكر اللّه إلا قليلا «٢»
فمن حذف النون ونصب قال : النيّة التنوين مع الجحد، ولكنى أسقطت النون للساكن الذي لقيها وأعملت معناها. ومن خفض أضاف.
وقوله : أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ [٣٦] يريد : يعيب آلهتكم. وكذلك قوله : سمعنا «٣» فثى

(١) ش :«ودخلت».
(٢) كان أبو الأسود تزوج امرأة فلم ير فيها ما يرضيه فقال شعرا لذويها منه هذا البيت يذكر فى شعره أن خال امرأ لم يبله فخانه وأفشى سره فما جزاؤه أليس. جزاؤه الصوم والهجران فقالوا : نعم فقال : تلك صاحبتكم وهى طالق.
وانظر الأغانى ١٢/ ٣١٠ من طبعة الدار.
(٣) الآية ٦٠ سورة الأنبياء.


الصفحة التالية
Icon