وقال ﴿خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾ يقول: "من تعجيلٍ من الأمْرِ، لأَنَّه قال: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ﴾ فهذا العجل كقوله ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ وقوله ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾ فإِنَّني ﴿سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي﴾.
﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذافَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ ﴾
وقال ﴿فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ﴾ فذَكَّر الأصنام وهي من الموات لأنها كانت عندهم ممن يعقل او ينطق.
﴿ وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلك وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ﴾
وقال ﴿وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ﴾ فذكر الشياطين وليسوا من الانس إِلاّ أَنَّهُم مثلهم في الطاعة والمعصية. الا ترى انك تقول "الشياطينُ يَعْصُونَ" ولا تقول: "يَعْصِينَ" وانما جمع ﴿يَغُوصُونَ﴾ و﴿مَنْ﴾ في اللفظ واحد لأن ﴿مَنْ﴾ في المعنى لجماعة. قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد الثامن والأربعون بعد المئتين]:
لَسْنَا كَمَنْ جَعَلَتْ إِيادٍ دارَهَا * تكريت تَنْظُرُ حَبَّها أَنْ يُحَصَدا
وقال: [من المتقارب وهو الشاهد التاسع والأربعون بعد المئتين]:
أَطُوفُ بِهَا لاَ أَرَىَ غَيْرَهَا * كَمَا طافَ بالبِيْعَةِ الرّاهِبِ
فجعل "الراهبِ" بدلا من ﴿مَا﴾ كأنه قال "كالذي طافَ" وتقول العرب [١٥٢]: "إِنَّ الحَقَّ مَنْ صَدَّقَ اللهَ" أي: "الحقُّ حقُّ مَنْ صَدَّقَ اللهَ".
﴿ وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾