الا زعمت بسباسة القوم أنني كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي
إذ لا حاجة لقلب الحقيقة إلى المجاز دون صارف.
ثم أضرب جلّ اضرابه فقال "بَلْ نَقْذِفُ" نرمي ونطرح "بِالْحَقِّ" القرآن والإيمان به "عَلَى الْباطِلِ"
الكفر والشرك "فَيَدْمَغُهُ" يمحقه ويدمره "فَإِذا هُوَ زاهِقٌ" مضمحل مدحوض ذاهب لا أثر له، وقال بعض المفسرين المراد بالحق هنا الجد وبالباطل اللهو لأن الآية هذه مسوقة لما قبلها، وهو وجيه لو لا الإضراب الموجود لأنه ينافي كونها مسوقة لما قبلها بل يفيد الانتقال عنها لمعنى آخر لأن الاضراب لا يأتي إلا لمغزى غير مغزى ما قبله وهو ما ذكرناه واللّه أعلم "وَلَكُمُ الْوَيْلُ" أيها الكفرة والهلاك "مِمَّا تَصِفُونَ" ١٨ الحضرة الإلهية مما لا يليق بها، قال تعالى "وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ" من الملائكة إنما خصهم بالذكر مع أنهم داخلون في معنى من اعتناء بهم، لأنهم لا شغل لهم إلا التقديس والتنزيه لحضرته الكريمة يدل عليه قوله "لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ" ١٩ لا يعيون ولا يكلّون "يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ" بلا انقطاع "لا يَفْتُرُونَ" ٢٠ عن تعظيمه وتكبيره وتسبيحه لأنه جار منهم مجرى التنفس من بني آدم فلا يلحقهم فيه سامة ولا تعب بل يتلذذون به ولا يمنعهم عن التكلم بغيره كما لا يمنع ابن آدم النفس عن الكلام فلا يرد عليه قول القائل إن من الملائكة من هو مشغول بتبليغ الرسل ومنهم من هو موكل بلعن الكفرة ومنهم من هو مشغول بتقليب الرياح وغير ذلك.
مطلب برهان التمانع ومعنى فساد السموات والأرض وما يتعلق بهما :