قال تعالى "وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ" ٢٥ وحدي وهذا تقرير لما سبق من آي التوحيد لأن هذه الآية تشير إلى أن اللّه تعالى أخذ العهد على الأنبياء ولرسل كافة بأنه لا إله في الكون غيره وأن يعبده من فيه وحده، فكل ما يقال بخلاف هذا كذب محض وبهت مفترى، ثم طفق يندّد بصنيعهم الفاسد فقال "وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً" أول من قال هذا من العرب خزاعة ثم قلدهم غيرهم "سُبْحانَهُ" تبرأ عن ذلك "بَلْ" هم الملائكة الذين يزعمونهم بنات اللّه "عِبادٌ مُكْرَمُونَ" ٢٦ عنده لاستغراقهم بعبادته وأدبهم معه "لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ" فيستقدمون به عليه بل يتبعونه ويقنفون أثر كلامه الجليل "وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ" ٢٧ لا يخالفونه قيد شعرة ولا أقل منها قولا ولا عملا "يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ" من الأفعال والأقوال التي وقعت منهم أو لم تقع في الحال أو التي ستقع بعد لا يخفى عليه شيء من أمر غيرهم "وَلا يَشْفَعُونَ" لأحد كما يزعم من عبدهم وكذلك بقية الملائكة وجميع الرسل والأنبياء والأولياء "إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى " اللّه الشفاعة له ورضي عنه وأذن لهم أن يشفعوا لمن يشاء، راجع الآية ٥٥ من البقرة في ج ٣ والآية الثانية من سورة يونس المارة والآية ٢٣ من سورة سبأ المارة وما تدلك عليه "وَهُمْ" كغيرهم من العباد العارفين مقام الألوهية الحقة كذلك تراهم "مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ" ٢٨ وجلون دائما لا يأمنون على أنفسهم منه لأن من قرب من الملك وعرف عظمته وبطشه صار أكثر الناس خوفا منه، وجاء في
الخبر : الناس هلكى إلا العالمون، والعالمون هلكى إلا العاملون، والعاملون هلكى إلا المخلصون، والمخلصون هلكى إلا العارفون، والعارفون على خطر عظيم.