وقال ابن الجوزى :
قوله عز وجل :﴿ اقترب ﴾ افتعل، من القُرْب، يقال : قَرُبَ الشيء واقترب.
وهذه الآية نزلت في كفار مكة.
وقال الزجاج : اقترب للناس وقت حسابهم.
وقيل : اللام في قوله :﴿ للناس ﴾ بمعنى :"مِنْ".
والمراد بالحساب : محاسبة الله لهم على أعمالهم.
وفي معنى قُرْبِهِ قولان.
أحدهما : أنه آتٍ، وكلُّ آتٍ قريبٌ.
والثاني : لأن الزمان لِكثرة ما مضى وقِلَّة ما بقي قريبٌ.
قوله تعالى :﴿ وهُمْ في غفلة ﴾ أي : عمَّا يفعل الله بهم ذلك اليوم ﴿ معرضون ﴾ عن التأهُّب له.
وقيل :"اقترب للناس" عامٌّ، والغفلة والإِعراض خاص في الكفار، بدلالة قوله تعالى :﴿ ما يأتيهم من ذِكْرٍ من ربهم مُحْدَثٍ ﴾، وفي هذا الذِّكْر ثلاثة أقوال.
أحدها : أنه القرآن، قاله ابن عباس ؛ فعلى هذا تكون الإِشارة بقوله :"مُحْدَثٍ" إِلى إِنزاله له، لأنه أُنْزِل شيئاً بعد شيء.
والثاني : أنه ذِكْر من الأذكار، وليس بالقرآن، حكاه أبو سليمان الدمشقي.
وقال النقاش : هو ذِكْر من رسول الله، وليس بالقرآن.
والثالث : أنه رسول الله، بدليل قوله في سياق الآية :﴿ هل هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكم ﴾، قاله الحسن ابن الفضل.
قوله تعالى :﴿ إِلا استَمَعُوه وهم يلعبون ﴾ قال ابن عباس : يستمعون القرآن مستهزئين.
قوله تعالى :﴿ لاهيةً قلوبُهم ﴾ أي : غافلةً عما يُراد بهم.
قال الزجاج : المعنى : إِلا استمعوه لاعبين لاهيةً قلوبهم ؛ ويجوز أن يكون منصوباً بقوله :"يلعبون".
وقرأ عكرمة، وسعيد بن جبير، وابن أبي عبلة :"لاهيةٌ" بالرفع.
قوله تعالى :﴿ وأسرُّوا النَّجوى ﴾ أي : تناجَوا فيما بينهم، يعني المشركين.
ثم بيَّن مَنْ هم فقال :﴿ الذين ظَلَمُوا ﴾ أي : أَشْرَكوا بالله.
و"الذين" في موضع رفع على البدل من الضمير في "وأَسَرُّوا".