وقيل : على حذف القول ؛ التقدير : يقول الذين ظلموا وحذف القول ؛ مثل ﴿ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم ﴾ [ الرعد : ٢٣ ٢٤ ].
واختار هذ القول النحاس ؛ قال : والدليل على صحة هذا الجواب أن بعده ﴿ هَلْ هاذآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾.
وقول رابع : يكون منصوباً بمعنى أعني الذين ظلموا.
وأجاز الفراء أن يكون خفضاً بمعنى اقترب للناس الذين ظلموا حسابهم ؛ ولا يوقف على هذا الوجه على "النجوى" ويوقف على الوجوه الثلاثة المتقدّمة قبله ؛ فهذه خمسة أقوال.
وأجاز الأخفش الرفع على لغة من قال : أكلوني البراغيث ؛ وهو حسن ؛ قال الله تعالى :﴿ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ ﴾ [ المائدة : ٧١ ].
وقال الشاعر :
بك نال النِّضالُ دون المساعي...
فاهتديْنَ النِّبالُ للأغراض
وقال آخر :
ولكِنْ دِيافِيٌّ أبوه وأمُّهُ...
بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقَارِبُهْ
وقال الكسائي : فيه تقديم وتأخير ؛ مجازه : والذين ظلموا أسروا النجوى.
أبو عبيدة :"أسروا" هنا من الأضداد ؛ فيحتمل أن يكونوا أخفوا كلامهم، ويحتمل أن يكونوا أظهروه وأعلنوه.
قوله تعالى :﴿ هَلْ هاذآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾ أي تناجوا بينهم وقالوا : هل هذا الذكر الذي هو الرسول، أو هل هذا الذي يدعوكم إلا بشر مثلكم، لا يتميز عنكم بشيء، يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق كما تفعلون.
وما علموا أن الله عز وجل بيّن أنه لا يجوز أن يرسل إليهم إلا بشراً ليتفهموا ويعلمهم.
﴿ أَفَتَأْتُونَ السحر ﴾ أي إن الذي جاء به محمد ﷺ سحر، فكيف تجيئون إليه وتتبعونه؟ فأطلع الله نبيه عليه السلام على ما تناجوا به.
و"السحر" في اللغة كل مموّه لا حقيقة له ولا صحة.
﴿ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾ قيل معناه "وأنتم تبصرون" أنه إنسان مثلكم مثل :"وأنتم تعقلون" لأن العقل البصر بالأشياء.


الصفحة التالية
Icon