وقال أبو حيان :
﴿ اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) ﴾
هذه السورة مكية بلا خلاف، وعن عبد الله : الكهف، ومريم، وطه، والأنبياء من العتاق الأول، وهن من تلادي أي من قديم ما حفظت وكسبت من القرآن كالمال التلاد.
ومناسبة هذه السورة لما قبلها أنه لما ذكر ﴿ قل كل متربص فتربصوا ﴾ قال مشركو قريش : محمد يهددنا بالمعاد والجزاء على الأعمال وليس بصحيح، وإن صح ففيه بعد فأنزل الله تعالى ﴿ اقترب للناس حسابهم ﴾، و﴿ اقترب ﴾ افتعل بمعنى الفعل المجرد وهو قرب كما تقول : ارتقب ورقب.
وقيل : هو أبلغ من قرب للزيادة التي في البناء.
والناس مشركو مكة.
وقيل : عام في منكري البعث، واقتراب الحساب اقتراب وقته والحساب في اللغة إخراج الكمية من مبلغ العدد، وقد يطلق على المحسوب وجعل ذلك اقتراباً لأن كل ما هو آت وإن طال وقت انتظاره قريب، وإنما البعيد هو الذي انقرض أو هو مقترب عند الله كقوله ﴿ وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون ﴾ أو باعتبار ما بقي من الدنيا فإنه أقصر وأقل مما مضى.
وفي الحديث :" بعثت أنا والساعة كهاتين " قال الشاعر :
فما زال من يهواه أقرب من غد...
وما زال من يخشاه أبعد من أمس
و﴿ للناس ﴾ متعلق باقترب.


الصفحة التالية
Icon