وجوز أن يكون المراد بالذكر الكلام النفسي وإسناد الإتيان إليه مجاز بل إسناده إلى الكلام مطلقاً كذلك ؛ والمراد من الحدوث التجدد ويقال : إن وصفه بذلك باعتبار التنزيل فلا ينافي القول بقدم الكلام النفسي الذي ذهب إليه مثبتوه من أهل السنة والجماعة.
والحنابلة القائلون بقدم اللفظي كالنفسي يتعين عندهم كون الوصف باعتبار ذلك لئلا تقوم الآية حجة عليهم، وقال الحسن بن الفضل المراد بالذكر النبي ﷺ وقد سمي ذكراً في قوله تعالى :
﴿ قَدْ أَنزَلَ الله إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً ﴾ [ الطلاق : ١٠، ١١ ] ويدل عليه هنا ﴿ هَلْ هذا ﴾ الخ الآتي قريباً إن شاء الله تعالى وفيه نظر، وبالجملة ليست الآية مما تقام حجة على رد أهل السنة ولو الحنابلة كما لا يخفى ﴿ وَأَسَرُّواْ النجوى ﴾ كلام مستأنف مسوق لبيان جناية أخرى من جناياتهم، و﴿ النجوى ﴾ اسم من التناجي ولا تكون إلا سراً فمعنى إسرارها المبالغة في إخفائها، ويجوز أن تكون مصدراً بمعنى التناجي فالمعنى أخفوا تناجيهم بأن لم يتناجوا بمرأى من غيرهم، وهذا على ما في "الكشف" أظهر وأحسن موقعاً، وقال أبو عبيدة : الإسرار من الأضداد، ويحتمل أن يكون هنا بمعنى الإظهار ومنه قول الفرزدق
: فلما رأى الحجاج جرد سيفه...
أسر الحروري الذي كان أضمرا
وأنت تعلم أن الشائع في الاستعمال معنى الإخفاء وإن قلنا إنه من الأضداد كما نص عليه التبريزي ولا موجب للعدول عن ذلك، وقوله تعالى :﴿ الذين ظَلَمُواْ ﴾ بدل من ضمير ﴿ أَسَرُّواْ ﴾ كما قال المبرد، وعزاه ابن عطية إلى سيبويه، وفيه إشعار بكونهم موصوفين بالظلم الفاحش فيما أسروا به، وقال أبو عبيدة.
والأخفش.
وغيرهما : هو فاعل ﴿ أَسَرُّواْ ﴾ والواو حرف دال على الجمعية كواو قائمون وتاء قامت وهذا على لغة أكلوني البراغيث وهي لغة لأزدشنوءة قال شاعرهم
: يلومونني في اشتراء النخيل أهلي وكلهم ألوم....


الصفحة التالية
Icon