وقال ابن الجوزى :
ثم ذكر منَّته عليهم بالقرآن فقال :﴿ لقد أنزلنا إِليكم كتاباً فيه ذِكْرُكم ﴾،
وفيه ثلاثة أقوال.
أحدها : فيه شرفكم، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني : فيه دِينكم، قاله الحسن، يعني : فيه ما تحتاجون إِليه من أمر دينكم.
والثالث : فيه تذكرة لكم لِمَا تلقَونه من رَجعة أو عذاب، قاله الزجاج.
قوله تعالى :﴿ أفلا تعقلون ﴾ ما فضَّلْتُكم به على غيركم.
ثم خوَّفهم فقال :﴿ وكم قصمنا ﴾ قال المفسرون واللغويون : معناه : وكم أهلكنا، وأصل القصم : الكسر.
وقوله :﴿ كانت ظالمة ﴾، أي : كافرة، والمراد : أهلها.
﴿ فلما أَحَسُّوا بأسنا ﴾ أي : رأَوا عذابنا بحاسَّة البصر ﴿ إِذا هم منها يَرْكُضون ﴾ أي : يَعْدُون، وأصل الرَّكْض : تحريكُ الرِّجلين، يقال : رَكَضْتُ الفَرَس : إِذا أَعْدَيته بتحريك رِجليكَ فعدا.
قوله تعالى :﴿ لا تَرْكُضوا ﴾ قال المفسرون : هذا قول الملائكة لهم :﴿ وارجعوا إِلى ما أُترفتم فيه ﴾ أي : إِلى نعَمكم التي أترفتْكم، وهذا توبيخ لهم.
وفي قوله :﴿ لعلكم تُسأَلون ﴾ قولان.
أحدهما : تُسألون من دنياكم شيئاً، استهزاءً بهم، قاله قتادة.
والثاني : تُسأَلون عن قتل نبيِّكم، قاله ابن السائب.
فلما أيقنوا بالعذاب ﴿ قالوا يا ويلنا إِنَّا كنَّا ظالمين ﴾ بكفرنا، وقيل : بتكذيب نبيِّنا.
﴿ فما زالت تلك دعواهم ﴾، أي : ما زالت تلك الكلمة التي هي "يا ويلنا إِنَّا كنَّا ظالمين" قولهم يردِّدونها ﴿ حتى جعلناهم حصيداً ﴾ بالعذاب، وقيل : بالسيوف ﴿ خامدين ﴾، أي : ميتين كخمود النار إِذا طُفِئَتْ. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٥ صـ ﴾