وقوله :﴿ لا تركضوا ﴾ قال ابن عطية : يحتمل أن يكون من قول رجال بخت نصر على الرواية المتقدمة، فالمعنى على هذا أنهم خدعوهم واستهزؤا بهم بأن قالوا للهاربين منهم : لا تفروا وارجعوا إلى منازلكم ﴿ لعلكم تسألون ﴾ صلحاً أو جزية أو أمراً يتفق عليه، فلما انصرفوا أمر بخت نصر أن ينادي فيهم يا لثارات النبيّ المقتول فقتلوا بالسيف عن آخرهم، هذا كله مروي ويحتمل أن يكون قوله :﴿ لا تركضوا ﴾ إلى آخر الآية من كلام ملائكة العذاب، وصف قصة كل قرية وأنه لم يرد تعيين حضوراء ولا غيرها، فالمعنى على هذا أن أهل هذه القرى كانوا باغترارهم يرون أنهم من الله بمكان وأنه لو جاءهم عذاب أو أمر لم ينزل بهم حتى يتخاصموا ويسألوا عن وجه تكذيبهم لنبيهم فيحتجون هم عند ذلك بحجج تنفعهم في ظنهم، فلما نزل العذاب دون هذا الذي أملوه وركضوا فارين نادتهم الملائكة على وجه الهزء بهم.
﴿ لا تركضوا وارجعوا ﴾ ﴿ لعلكم تسألون ﴾ كما كنتم تطمعون لسفه آرائكم.
وقال الزمخشري : يحتمل أن يكون يعني القائل بعض الملائكة، أو من ثم من المؤمنين، أو يجعلون خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل، أو يقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفعهم في دينهم أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم.


الصفحة التالية
Icon