﴿ لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لاتخذناه مِن لَّدُنَّا ﴾ استئناف مقرر لما قبله من انتفاء اللعب في خلق السماء والأرض وما بينهما، ومعنى الآية على ما استظهره صاحب الكشف لو أردنا اتخاذ لهو لكان اتخاذ لهو من جهتنا أي لهواً إلهياً أي حكمة اتخذتموها لهواً من جهتكم وهذا عين الجد والحكمة فهو في معنى لو أردناه لامتنع.
وقوله تعالى :﴿ إِن كُنَّا فاعلين ﴾ كالتكرير لذلك المعنى مبالغة في الامتناع على أن إن شرطية وجوابها محذوف أي ﴿ إِن كُنَّا فاعلين ﴾ ما يوصف بفعله باللهو فكهذا يكون فعلنا ولو حمل على النفي ليكون تصريحاً بنتيجة السابق كما عليه جمهور المفسرين لكان حسناً بالغاً انتهى، وقال الزمخشري :﴿ مّن لَّدُنَّا ﴾ أي من جهة قدرتنا، وجعل حاصل المعنى أنا لو أردنا ذلك لاتخذنا فإنا قادرون على كل شيء إلا أنا لم نرده لأن الحكمة صارفة عنه، وذكر صاحب الكشف أن تفسيره ذلك بالقدرة غير بين، وقد فسره به أيضاً البيضاوي وغيره وظاهره أن اتخاذ اللهو داخل تحت القدرة، وقد قيل إنه ممتنع عليه تعالى امتناعاً ذاتياً والممتنع لا يصلح متعلقاً للقدرة، وأجيب بأن صدق الشرطية لا يقتضي صدق الطرفين فهو تعليق على امتناع الإرادة أو يقال الحكمة غير منافية لاتخاذ ما من شأنه أن يتلهى به وإنما تنافي أن يفعل فعلاً يكون هو سبحانه بنفسه لاهياً به فلا امتناع في الاتخاذ بل في وصفه انتهى.


الصفحة التالية
Icon