وقال أبو حيان :
ثم أخبر تعالى أن من في السموات والأرض ملك له فاندرج فيه من سموه بالصاحبة والولد ومن عنده هم الملائكة، واحتمل أن يكون معطوفاً على ﴿ من ﴾ فيكونون قدر اندرجوا في الملائكة بطريق العموم لدخولهم في ﴿ من ﴾ وبطريق الخصوص بالنص على أنهم من عنده، ويكون ﴿ لا يستكبرون ﴾ جملة حالية منهم أو استئناف إخبار، واحتمل أن يكون ومن عنده مبتدأ وخبره ﴿ لا يستكبرون ﴾ وعند هنا لا يراد بها ظرف المكان لأنه تعالى منزه عن المكان، بل المعنى شرف المكانة وعلو المنزلة، والظاهر أن قوله ﴿ وله من في السموات والأرض ﴾ استئناف إخبار بأن جميع العالم ملكه.
وقيل : يحتمل أن يكون معادلاً لقوله ﴿ ولكم الويل مما تصفون ﴾ كأنه يقسم الأمر في نفسه أي للمتخلفين هذه المقالة الويل، ولله تعالى من في السموات والأرض انتهى.
والمراد أن الملائكة مكرمون منزلون لكرامتهم على الله منزلة المقرّبين عند الملوك على طريق التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم، ويقال : حسر البعير واستحسر كَلَّ وتعب وحسرته أنا فهو متعد ولازم، وأحسرته أيضاً، وقال الشاعر :
بها جيف الحسرى فإما عظامها...
فبيض وأما جلدها فصليب
قال الزمخشري : فإن قلت : الاستحسار مبالغة في الحسور، وكان الأبلغ في وصفهم أن ينفي عنهم أدنى الحسور قلت : في الاستحسار بيان أن ما هم فيه يوجب غاية الحسور وأقصاه، وأنهم أخفاء لتلك العبادات الباهظة بأن يستحسروا فيما يفعلون انتهى.
﴿ يسبحون ﴾ هم الملائكة بإجماع الأمة وصفهم بتسبيح دائم.
وعن كعب : جعل الله لهم التسبيح كالنفس وطرف العين للبشر يقع منهم دائماً دون أن يلحقهم فيه سآمة، وفي الحديث :" "إني لأسمع أطيط السماء وحق لها أن تئط ليس فيها موضع راحة إلا وفيه ملك ساجد أو قائم ". أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon