البحث الأول : قوله :﴿لاَّ يَأْكُلُونَ الطعام﴾ صفة جسد والمعنى وما جعلنا الأنبياء ذوي جسد غير طاعمين.
البحث الثاني : وحد الجسد لإرادة الجنس كأنه قال ذوي ضرب من الأجساد.
البحث الثالث : أنهم كانوا يقولون :﴿ مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِى الأسواق لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً﴾ [ الفرقان : ٧ ] فأجاب الله بقوله :﴿وَمَا جعلناهم جَسَداً لاَّ يَأْكُلُونَ الطعام﴾ فبين تعالى أن هذه عادة الله في الرسل من قبل وأنه لم يجعلهم جسداً لا يأكلون بل جسداً يأكلون الطعام ولا يخلدون في الدنيا بل يموتون كغيرهم، ونبه بذلك على أن الذي صاروا به رسلاً غير ذلك وهو ظهور المعجزات على أيديهم وبراءتهم عن الصفات القادحة في التبليغ، أما قوله تعالى :﴿ثُمَّ صدقناهم الوعد﴾ فقال صاحب "الكشاف" : هو مثل قوله :﴿واختار موسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً﴾ [ الأعراف : ١٥٥ ] والأصل في الوعد ومن قومه ومنه صدقوهم المقال :﴿وَمَن نَّشَاءُ﴾ هم المؤمنون، قال المفسرون : المراد منه أنه تقدم وعده جل جلاله بأنه إنما يهلك بعذاب الاستئصال من كذب الرسل دون نفس الرسل ودون من صدق بهم، وجعل الوفاء بما وعد صدقاً من حيث يكشف عن الصدق ومعنى :﴿وَأَهْلَكْنَا المسرفين﴾ أي بعذاب الاستئصال وليس المراد عذاب الآخرة لأنه إخبار عما مضى وتقدم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٢ صـ ١٢٤ ـ ١٢٥﴾