وقيل : يقع على المتعذي وغيره، فعلى القول الأول يكون النفي قد وقع على ﴿ الجسد ﴾ وعلى الثاني يكون مثبتاً، والنفي إنما وقع على صفته ووحد الجسد لإرادة الجنس كأنه قال : ذوي ضرب من الأجساد، وهذا رد لقولهم ما لهذا الرسول يأكل الطعام، وهذه الجملة من تمام الجواب للمشركين الذين قالوا ﴿ هل هذا إلاّ بشر مثلكم ﴾ لأن البشرية تقتضي الجسمية الحيوانية، وهذه لا بد لها من مادة تقوم بها، وقد خرجوا بذلك في قولهم ﴿ هل هذا إلاّ بشر مثلكم ﴾ يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون، ولما أثبت أنهم كانوا أجساداً يأكلون الطعام بين أنهم مآلهم إلى الفناء والنفاد، ونفى عنهم الخلود وهو البقاء السرمدي أو البقاء المدة المتطاولة أي هؤلاء الرسل بشر أجساد يطعمون ويموتون كغيرهم من البشر، والذي صاروا به رسلاً هو ظهور المعجزة على أيديهم وعصمتهم من الصفات القادحة في التبليغ وغيره.
﴿ ثم صدقناهم الوعد ﴾ ذكر تعالى سيرته مع أنبيائه فكذلك يصدق نبيه محمداً ( ﷺ ) وأصحابه ما وعدهم به من النصر وظهور الكلمة، فهذه عدة للمؤمنين ووعيد للكافرين و﴿ صدقناهم الوعد ﴾ من باب اختار وهو ما يتعدى الفعل فيه إلى واحد وإلى الآخر بحرف جر، ويجوز حذف ذلك الحرف أي في ﴿ الوعد ﴾ وهو باب لا ينقاس عند الجمهور، وإنما يحفظ من ذلك أفعال قليلة ذكرت في النحو ونظير ﴿ صدقناهم الوعد ﴾ قولهم : صدقوهم القتال وصدقني سن بكره وصدقت زيداً الحديث و﴿ من نشاء ﴾ هم المؤمنون، والمسرفون هم الكفار المفرطون في غيهم وكفرهم، وكل من ترك الإيمان فهو مفرط مسرف وإنجاؤهم من شر أعدائهم ومن العذاب الذي نزل بأعدائهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon