يقول تعالى :﴿ وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى إِلاَّ أَن قالوا أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً * قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً ﴾ [ الإسراء : ٩٥ ].
ويردُّ الحق سبحانه عليهم :﴿ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ ﴾ [ الأنعام : ٩ ]. وهكذا تظل الشبهة موجودة.
إذن : لا يمكن أن يكون الرسول للبشر إلا من البشر. ونعم، محمد بشر لكن بشر يُوحَى إليه، كما جاء في الحديث الشريف :" يرد عليَّ - يعني من الحق الأعلى - فأقول : أنا لست كأحدكم، ويُؤخَذ مني فأقول : ما أنا إلا بشر مثلكم ".
وقوله :﴿ فاسئلوا أَهْلَ الذكر إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٧ ] أي : إنْ كنتم في شكٍّ من هذه المقولة فاسألوا أهل الذكر من السابقين : اليهود والنصارى أهل الكتاب.
وقال :﴿ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٧ ] لأنها مسألة عِلْمُها مشكوك فيه.
ثم يقول الحق سبحانه :﴿ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً... ﴾.
﴿ جَعَلْنَاهُمْ.. ﴾ [ الأنبياء : ٨ ] أي : الرسل ﴿ جَسَداً... ﴾ [ الأنبياء : ٨ ] يعني : شيئاً مصبوباً جامداً لا يأكل ولا يشرب ولا يتحرك، إنما هم بشر يأكلون ويشربون كأيّ بشر، ويمشون في الأسواق، ويعيشون حياة البشر العادية ﴿ وَمَا كَانُواْ خَالِدِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٨ ] فليس الخلود من صفة البشر وقد تابعوا الرسل، وعَلِموا عنهم هذه الحقيقة، وقال تعالى :﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ ﴾ [ الزمر : ٣٠ ].
ثم يقول الحق تبارك وتعالى :﴿ ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الوعد... ﴾.
وهذه سُنة من سُنَن الله في الرسل أنْ يَصْدقهم وعده، وهل رأيتم رسولاً عانده قومه وحاربوه واضطهدوه، وكانت النهاية أن انتصروا عليه؟