وثانيها : ارجعوا كما كنتم في مجالسكم حتى تسألكم عبيدكم ومن ينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقول لكم بم تأمرون وماذا ترسمون كعادة المخدومين.
وثالثها : تسألكم الناس في أنديتكم لتعاونوهم في نوازل الخطوب ويستشيرونكم في المهمات ويستعينون بآرائكم.
ورابعها : يسألكم الوافدون عليكم والطامعون فيكم إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلب الثناء أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكماً إلى تهكم وتوبيخاً إلى توبيخ، أما قوله تعالى :﴿فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ﴾ فقال صاحب " الكشاف " تلك إشارة إلى ﴿يا ويلنا﴾ لأنها عدوى كأنه قيل فما زالت تلك الدعوى دعواهم، والدعوى بمعنى الدعوة قال تعالى :﴿وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين﴾ [ يونس : ١٠ ] فإن قلت : لم سميت دعوى ؟ قلت : لأنهم كانوا دعوا بالويل :﴿فَقَالُواْ يا ويلَنَا﴾ أي يا ويل احضر فهذا وقتك، وتلك مرفوع أو منصوب إسماً أو خبراً وكذلك :﴿كَانَ دَعْوَاهُمْ﴾ قال المفسرون : لم يزالوا يكررون هذه الكلمة فلم ينفعهم ذلك كقوله تعالى :﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمانهم لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ [ غافر : ٨٥ ] أما قوله :﴿حتى جعلناهم حَصِيداً خامدين﴾ فالحصيد الزرع المحصود أي جعلناهم مثل الحصيد شبههم به في استئصالهم، كما تقول جعلناهم رماداً أي مثل الرماد فإن قيل : كيف ينصب جعل ثلاثة مفاعيل، قلت : حكم الاثنين الأخيرين حكم الواحد والمعنى جعلناهم جامعين لهذين الوصفين، والمراد أنهم أهلكوا بذلك العذاب حتى لم يبق لهم حس ولا حركة وجفوا كما يجف الحصيد، وخمدوا كما تخمد النار. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٢ صـ ١٢٥ ـ ١٢٧﴾