وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ يُوحَى إِلَيْهِ ﴾.
وقرأ حفص وحمزة والكسائي "نُوحِي إِلَيْهِ" بالنون ؛ لقوله ؛ "أَرْسلْنَا".
﴿ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فاعبدون ﴾ أي قلنا للجميع لا إله إلا الله ؛ فأدلة العقل شاهدة أنه لا شريك له، والنقل عن جميع الأنبياء موجود، والدليل إما معقول وإما منقول.
وقال قتادة : لم يرسل نبي إلا بالتوحيد، والشرائع مختلفة في التوراة والإنجيل والقرآن، وكل ذلك على الإخلاص والتوحيد.
قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً سُبْحَانَهُ ﴾ نزلت في خزاعة حيث قالوا : الملائكة بنات الله، وكانوا يعبدونهم طمعاً في شفاعتهم لهم.
وروى معمر عن قتادة قال : قالت اليهود قال معمر في روايته أو طوائف من الناس : خَاتَن إلى الجن والملائكة من الجن، فقال الله عز وجل :"سبحانه" تنزيهاً له.
﴿ بَلْ عِبَادٌ ﴾ أي بل هم عباد ﴿ مُّكْرَمُونَ ﴾ أي ليس كما زعم هؤلاء الكفار.
ويجوز النصب عند الزجاج على معنى بل اتخذ عباداً مكرمين.
وأجازه الفراء على أن يرده على ولد، أي بل لم نتخذهم ولداً، بل اتخذناهم عباداً مكرمين.
والولد هاهنا للجمع، وقد يكون الواحد والجمع ولداً.
ويجوز أن يكون لفظ الولد للجنس، كما يقال لفلان مال.
﴿ لاَ يَسْبِقُونَهُ بالقول ﴾ أي لا يقولون حتى يقول، ولا يتكلمون إلا بما يأمرهم ﴿ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ أي بطاعته وأوامره.
﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ أي يعلم ما عملوا وما هم عاملون ؛ قاله ابن عباس.
وعنه أيضاً :﴿ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ﴾ الآخرة ﴿ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ الدنيا ؛ ذكر الأول الثعلبي، والثاني القشيري.
﴿ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى ﴾ قال ابن عباس : هم أهل شهادة أن لا إله إلا الله.


الصفحة التالية
Icon