ورابعها : أن أحد الإلهين إما أن يكون كافياً في تدبير العالم أو لا يكون فإن كان كافياً كان الثاني ضائعاً غير محتاج إليه، وذلك نقص والناقص لا يكون إلهاً.
وخامسها : أن العقل يقتضي احتياج المحدث إلى الفاعل ولا امتناع في كون الفاعل الواحد مدبراً لكل العالم.
فأما ما وراء ذلك فليس عدد أولى من عدد فيفضي ذلك إلى وجود أعداد لا نهاية لها وذلك محال فالقول بوجود الآلهة محال.
وسادسها : أن أحد الإلهين إما أن يقدر على أن يخص نفسه بدليل يدل عليه ولا يدل على غيره أو لا يقدر عليه.
والأول محال لأن دليل الصانع ليس إلا بالمحدثات وليس في حدوث المحدثات ما يدل على تعيين أحدهما دون الثاني والتالي محال لأنه يفضي إلى كونه عاجزاً عن تعريف نفسه على التعيين والعاجز لا يكون إلهاً.
وسابعها : أن أحد الإلهين إما أن يقدر على أن يستر شيئاً من أفعاله عن الآخر أو لا يقدر، فإن قدر لزم أن يكون المستور عنه جاهلاً، وإن لم يقدر لزم كونه عاجزاً.
وثامنها : لو قدرنا إلهين لكان مجموع قدرتيهما بينهما أقوى من قدرة كل واحد منهما وحده، فيكون كل واحد من القدرتين متناهياً والمجموع ضعف المتناهي فيكون الكل متناهياً.
وتاسعاً : العدد ناقص لاحتياجه إلى الواحد، والواحد الذي يوجد من جنسه عدد ناقص ناقص، لأن العدد أزيد منه، والناقص لا يكون إلهاً فالإله واحد لا محالة.


الصفحة التالية
Icon