في تفسيره وفيه أقوال : أحدها :﴿هذا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ﴾ أي هذا هو الكتاب المنزل على من معي :﴿وهذا ذِكْرٌ مِّن قَبْلِي﴾ أي الكتاب المنزل على من تقدمني من الأنبياء وهو التوراة والإنجيل والزبور والصحف، وليس في شيء منها أني أذنت بأن تتخذوا إلهاً من دوني بل ليس فيها إلا :﴿إِنّى أَنَا الله لا إله إِلا أَنَاْ﴾ كما قال بعد هذا :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ يُوحَى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فاعبدون﴾ وهذا قول ابن عباس واختيار القفال والزجاج.
والثاني : وهو قول سعيد ابن جبير وقتادة ومقاتل والسدي أن قوله :﴿وَذِكْرُ مَن قَبْلِي﴾ صفة للقرآن فإنه كما يشتمل على أحوال هذه الأمة فكذا يشتمل على أحوال الأمم الماضية.
الثالث : ما ذكره القفال وهو أن المعنى قل لهم هذا الكتاب الذي جئتكم به قد اشتمل على بيان أحوال من معي من المخالفين والموافقين وعلى بيان أحوال من قبلي من المخالفين والموافقين فاختاروا لأنفسكم، كأن الغرض منه التهديد.
المسألة الثانية :
قال صاحب "الكشاف" قرىء :﴿هذا ذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُ مَن قَبْلِي﴾ بالتنوين ومن مفعول منصوب بالذكر كقوله :﴿أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً﴾ [ البلد : ١٤، ١٥ ] وهو الأصل والإضافة من إضافة المصدر إلى المفعول كقوله :﴿غُلِبَتِ الروم * فِى أَدْنَى الأرض وَهُم مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ [ الروم : ٢، ٣ ] وقرىء : من معي ومن قبلي، بكسر ميم من على ترك الإضافة في هذه القراءة وإدخال الجار على مع غريب والعذر فيه أنه اسم هو ظرف نحو قبل وبعد فدخل من عليه كما يدخل على إخواته وقرىء : ذكر معي وذكر قبلي.
وأما قوله :﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الحق فَهُمْ مُّعْرِضُونَ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon