وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إني إله مِّن دُونِهِ ﴾
قال قتادة والضحاك وغيرهما : عنى بهذه الآية إبليس حيث ادعى الشركة، ودعا إلى عبادة نفسه وكان من الملائكة، ولم يقل أحد من الملائكة إني إله غيره.
وقيل : الإشارة إلى جميع الملائكة، أي فذلك القائل ﴿ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ﴾.
وهذا دليل على أنهم وإن أكرموا بالعصمة فهم متعبَّدون، وليسوا مضطرين إلى العبادة كما ظنه بعض الجهال.
وقد استدل ابن عباس بهذه الآية على أن محمداً ﷺ أفضل أهل السماء.
وقد تقدم في سورة "البقرة".
﴿ كَذَلِكَ نَجْزِي الظالمين ﴾ أي كما جزينا هذا بالنار فكذلك نجزي الظالمين الواضعين الألوهية والعبادة في غير موضعهما.
قوله تعالى :﴿ أَوَلَمْ يَرَ الذين كفروا ﴾ قراءة العامة "أَوَلَمْ" بالواو.
وقرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد "أَلَمْ يَرَ" بغير واو، وكذلك هو في مصحف مكة.
"أَوَلَمْ يَرَ" بمعنى يعلم.
﴿ الذين كفروا أَنَّ السماوات والأرض كَانَتَا رَتْقاً ﴾ قال الأخفش :"كانتا" لأنهما صنفان، كما تقول العرب : هما لِقاحان أسودان، وكما قال الله عز وجل :﴿ إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ ﴾ قال أبو إسحاق :"كانتا" لأنه يعبر عن السموات بلفظ الواحد بسماء ؛ ولأن السموات كانت سماء واحدة، وكذلك الأرضون.
وقال :"رتقاً" ولم يقل رتقين ؛ لأنه مصدر ؛ والمعنى كانتا ذواتي رتق.
وقرأ الحسن "رَتَقاً" بفتح التاء.
قال عيسى بن عمر : هو صواب وهي لغة.
والرتق السد ضد الفتق، وقد رتقت الفتق أرتقه فارتتق أي التأم، ومنه الرتقاء للمنضمة الفرج.
قال ابن عباس والحسن وعطاء والضحاك وقتادة : يعني أنها كانت شيئاً واحداً ملتزقتين ففصل الله بينهما بالهواء.
وكذلك قال كعب : خلق الله السموات والأرض بعضها على بعض ثم خلق ريحاً بوسطها ففتحها بها، وجعل السموات سبعاً والأرضين سبعاً.


الصفحة التالية
Icon