أي : أنهم مكثوا فترة طويلة من الزمن يتقلَّبون في نعَم الله، لكن انظروا ماذا حدث لهم بعد ذلك، فخذوا منهم عبرةً :﴿ أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذين مِن قَبْلِهِمْ كانوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُواْ الأرض وَعَمَرُوهَآ أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا.. ﴾ [ الروم : ٩ ].
ومع ذلك أُخذوا أَخْذ عزيز مقتدر، كما قال تعالى :﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السمآء عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأنهار تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ ﴾ [ الأنعام : ٦ ].
ثم يقول سبحانه :﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ... ﴾ [ الأنبياء : ٤٤ ].
وفي موضع آخر :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا والله يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحساب ﴾ [ الرعد : ٤١ ].
وهذه آية من الآيات التي وقف عندها بعض علماءنا من النبيين من بعمليات القرآن، فلما أعلن العلماء أن الأرض بيضاوية، لشكل، وليست كاملة الاستدارة، يعني : أقطارها مختلفة بالنسبة لمركزها، سارع بعضهم من منطلق الغَيْرة على دين الله ومحاولة إثبات صِدْق القرآن، وأنه سبق إلى ذِكْر هذه المسألة فقالوا : لقد ذكر القرآن هذا الإكتشاف في قوله تعالى :﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَآ... ﴾ [ الأنبياء : ٤٤ ] يعني : من ناحية خط الاستواء، لا من ناحية القطبين.