وقال ابن الجوزى :
﴿ قل إِنما أُنذرِكُم ﴾ أي : أُخَوِّفكم ﴿ بالوحي ﴾ أي : بالقرآن، والمعنى : إنني ما جئتُ به من تلقاء نفسي، إنِما أُمِرْتُ فبلَّغتُ، ﴿ ولا يسمع الصُّمُّ الدُّعاءَ ﴾ وقرأ ابن عامر :"ولا تُسْمِعُ" بالتاء مضمومة "الصُّمَّ" نصباً.
وقرأ ابن يعمر، والحسن :"ولا يُسْمَعُ" بضم الياء وفتح الميم "الصُّمُّ" بضم الميم.
شبَّه الكفار بالصُمّ الذين لا يسمعون نداء مناديهم ؛ ووجه التشبيه أن هؤلاء لم ينتفعوا بما سمعوا، كالصُمِّ لا يفيدهم صوت مناديهم.
﴿ ولئن مسَّتهم ﴾ أي : أصابتهم ﴿ نَفْحَةٌ ﴾ قال ابن عباس : طرف.
وقال الزجاج : المراد أدنى شيء من العذاب، ﴿ ليقولُنَّ ياويلنا ﴾ والويل ينادي به كلُّ من وقع في هلَكة.
قوله تعالى :﴿ ونضعُ الموازينَ القِسْطَ ﴾ قال الزجاج : المعنى : ونضع الموازين ذوات القسط، والقسط : العدل، وهو مصدر يوصف به، يقال : ميزان قسط، وميزانان قسط، وموازين قسط.
قال الفراء : القسط من صفة الموازين وإِن كان موحَّداً، كما تقول : أنتم عدل، وأنتم رضىً.
وقوله :﴿ ليوم القيامة ﴾ و"في يوم القيامة" سواء.
وقد ذكرنا الكلام في الميزان في أول [ الأعراف : ٨ ].
فإن قيل : إِذا كان الميزان واحداً، فما المعنى بذكر الموازين؟
فالجواب : أنه لما كانت أعمال الخلائق توزن وزنةً بعد وزنة، سمِّيت موازين.
قوله تعالى :﴿ فلا تُظْلَم نفس شيئاً ﴾ أي : لا يُنْقَص محسن من إِحسانه، ولا يُزاد مسيء على إِساءته ﴿ وإِن كان مثقالَ حَبَّة ﴾ أي : وزن حبة.
وقرأ نافع :"مثقالُ" برفع اللام.
قال الزجاج : ونصب "مثقالَ" على معنى : وإِن كان العمل مثقال حبة.
وقال أبو علي الفارسي : وإِن كان الظُّلامة مثقال حبة، لقوله تعالى :﴿ فلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شيئاً ﴾.
قال : ومن رفع، أسند الفعل إِلى المثقال، كما أسند في قوله تعالى :﴿ وإِن كان ذو عُسْرة ﴾ [ البقرة : ٢٨٠ ].


الصفحة التالية
Icon