وقرىء ﴿ يَسْمَعُ ﴾ بالياء على الغيبة وإسناد الفعل إلى ضميره ﷺ ﴿ الصم الدعاء ﴾ بنصبهما على ما مر.
وذكر ابن خالويه أنه قرىء ﴿ يَسْمَعُ ﴾ مبنياً للمفعول ﴿ الصم ﴾ بالرفع على النيابة عن الفاعل ﴿ الدعاء ﴾ بالنصب على المفعولية.
وقرأ أحمد بن جبير الأنطاكي عن اليزيدي عن أبي عمرو ﴿ يَسْمَعُ ﴾ بضم ياء الغيبة وكسر الميم ﴿ الصم ﴾ بالنصب على المفعولية ﴿ الدعاء ﴾ بالرفع على الفاعلية بيسمع، وإسناد الإسماع إليه من باب الاتساع والمفعول الثاني محذوف كأنه قيل ولا يسمع الصم الدعاء شيئاً
﴿ وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مّنْ عَذَابِ رَبّكَ ﴾
بيان لسرعة تأثرهم من مجىء نفس العذاب إثر بيان عدم تأثرهم من مجىء خبره على نهج التوكيد القسمي أي وبالله لئن مسهم أدنى شيء من عذابه تعالى :﴿ لَيَقُولُنَّ ياويلنا قَالُواْ إِنَّا كُنَّا ظالمين ﴾ أي ليدعن على أنفسهم بالويل والهلاك ويعترفن عليها بالظلم السابق، وفي ﴿ مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ ﴾ ثلاث مبالغات كما قال الزمخشري وهي كما في "الكشف" ذكر المس وهو دون النفوذ ويكفي في تحققه إيصال ما، وما في النفح من معنى النزارة فإن أصله هبوب رائحة الشيء ويقال نفحته الدابة ضربته بحد حافرها ونفحه بعطية رضخه وأعطاه يسيراً، وبناء المرة وهي لأقل ما ينطلق عليه الاسم، وجعل السكاكي التنكير رابعتها لما يفيده من التحقير، واستفادة ذلك إن سلمت من بناء المرة ونفس الكلمة لا يعكر عليه كما زعم صاحب الإيضاح.
واعترض بعضهم المبالغة في المس بأنه أقوى من الإصابة لما فيه من الدلالة على تأثر حاسة الممسوس ومما ذكر في "الكشف" يعلم اندفاعه لمن مسته نفحة عناية، ولعل في الآية مبالغة خامسة تظهر بالتأمل ؛ ثم الظاهر أن هذا المس يوم القيامة كما رمزنا إليه، وقيل في الدنيا بناءً على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما من تفسير النفحة بالجوع الذي نزل بمكة