وقال أبو حيان :
ولما ذكر ما أتى به رسوله ( ﷺ ) من الذكر وحال مشركي العرب معه، وقال :﴿ قل إنما أنذركم بالوحي ﴾ أتبعه بأنه عادة الله في أنبيائه فذكر ما آتى ﴿ موسى وهارون ﴾ إشارة إلى قصتهما مع قومهما مع ما أوتوا من الفرقان والضياء والذكر، ثم نبه على ما آتى رسوله من الذكر المبارك ثم استفهم على سبيل الذكر على إنكارهم ثم نبه على ما آتى رسوله ( ﷺ ).
و﴿ الفرقان ﴾ التوراة وهو الضياء، والذكر أي كتاباً هو فرقان وضياء، وذكر ويدل على هذا المعنى قراءة ابن عباس وعكرمة والضحاك ضياء وذكراً بغير واو في ضياء.
وقالت فرقة : القرآن ما رزقه الله من نصره وظهور حجته وغير ذلك، مما فرق بين أمره وأمر فرعون والضياء التوراة، والذكر التذكرة والموعظة أو ذكر ما يحتاجون إليه في دينهم ومصالحهم أو الشرف والعطف بالواو يؤذن بالتغاير.
وعن ابن عباس ﴿ الفرقان ﴾ الفتح لقوله ﴿ يوم الفرقان ﴾ وعن الضحاك : فلق البحر.
وعن محمد بن كعب : المخرج من الشبهات و﴿ الذين ﴾ صفة تابعة أو مقطوعة برفع أو نصب أو بدل.
ولما ذكر التقوى ذكر ما أنتجته وهو خشية الله والإشفاق من عذاب يوم القيامة والساعة القيامة وبالغيب.
قال الجمهور : يخافونه ولم يروه.
وقال مقاتل : يخافون عذابه ولم يروه.
وقال الزجاج : يخافونه من حيث لا يراهم أحد ورجحه ابن عطية.
وقال أبو سليمان الدمشقي : يخافونه إذا غابوا عن أعين الناس، والإشفاق شدة الخوف، واحتمل أن يكون قوله ﴿ وهم من الساعة مشفقون ﴾ استئناف إخبار عنهم، وأن يكون معطوفاً على صلة ﴿ الذين ﴾، وتكون الصلة الأولى مشعرة بالتجدّد دائماً كأنها حالتهم فيما يتعلق بالدنيا، والصلة الثانية من مبتدأ وخبر عنه بالاسم المشعر بثبوت الوصف كأنها حالتهم فيما يتعلق بالآخرة.


الصفحة التالية
Icon