ولما كان من آيات الأولين التي طلبوها العذاب بأنواع الهول، وكانوا هم أيضاً قد طلبوا ذلك واستعجلوا به ﴿عجل لنا قطنا﴾ [ ص : ٢٦ ] ونحو ذلك، وكان الذي جرأهم على هذا حلم الله عنهم بإمهاله لهم، قال معللاً لذلك :﴿خلق﴾ وبناه للمفعول لأن المقصود بيان ما جبل عليه والخالق معروف ﴿الإنسان﴾ أي هذا النوع.
ولما كان مطبوعاً على العجلة قال :﴿من عجل﴾ فلذا يكفر، لأنه إذا خولف بادر إلى الانتقام عند القدرة فظن بجهله أن خالقه كذلك، وأن التأخير ما هو إلا عن عجز أو عن رضى ؛ ثم قال تعالى مهدداً للمكذبين :﴿سأوريكم﴾ حقاً ﴿ءاياتي﴾ القاصمة والعاصمة، بهجرة النبي ـ ﷺ ـ ومن عندكم من أتباعه المستضعفين وخلافتهم بين أيديكم وجعلهم شجاً في حلوقكم حتى يتلاشى ما أنتم عليه وغيره ذلك من العظائم ﴿فلا تستعجلون﴾ أي تطلبوا أن أوجد العجلة بالعذاب أو غيره، فإني منزه عن العجلة التي هي من جملة نقائصكم.
ولما ذم العجلة وهي إرادة الشيء قبل أوانه، ونهى عنها، قال دالاً عليها عاطفاً على عامل ﴿هذا﴾ :﴿ويقولون﴾ أي في استهزائهم بأولياء الله :﴿متى هذا﴾ وتهكموا بقولهم :﴿الوعد﴾ أي بإتيان الآيات من الساعة ومقدماتها وغيرها، وزادوا في الإلهاب والتهييج تكذيباً فقالوا :﴿إن كنتم صادقين﴾ أي عريقين في هذا الوصف جداً - بما دل عليه الوصف وفعل الكون.


الصفحة التالية