وقال السدّي : لا يصحبهم من الملائكة من يدفع عنهم، والظاهر عود الضمير في ﴿ ولا هم ﴾ على الأصنام وهو قول قتادة.
وقيل : على الكفار وهو قول ابن عباس، وفي التحرير مدار هذه الكلمة يعني ﴿ يصحبون ﴾ على معنيين أحدهما أنه من صحب يصحب، والثاني من الإصحاب أصحب الرجل منعه من الآفات.
﴿ بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ ﴾
﴿ هؤلاء ﴾ إشارة إلى المخاطبين قبل وهم كفار قريش، ومن اتخذ آلهة من دون الله أخبر تعالى أنه متع ﴿ هؤلاء ﴾ الكفار ﴿ وآباءهم ﴾ من قبلهم بما رزقهم من حطام الدنيا حتى طالت أعمارهم في رخاء ونعمة، وتدعسوا في الضلالة بإمهاله تعالى إياهم وتأخيرهم إلى الوقت الذي يأخذهم فيه ﴿ أفلا يرون أنّا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ﴾ تقدم تفسير هذه الجملة في آخر الرعد.
واقتصر الزمخشري من تلك الأقوال على معنى أنّا ننقص أرض الكفر ودار الحرب ونحذف أطرافها بتسليط المسلمين عليها وإظهارهم على أهلها وردها دار إسلام قال : فإن قلت : أي فائدة في قوله ﴿ نأتي الأرض ﴾ ؟ قلت : الفائدة فيه تصوير ما كان الله يجريه على أيدي المسلمين، وأن عساكرهم وسراياهم كانت تغزو أرض المشركين وتأتيها غالبة عليها ناقصة من أطرافها انتهى.
وفي ذلك تبشير للمؤمنين بما يفتح الله عليهم، وأكثر المفسرين على أنها نزلت في كفار مكة وفي قولهم :﴿ أفهم الغالبون ﴾ دليل على ذلك إذ المعنى أنهم هم الغالبون، فهو استفهام فيه تقريع وتوبيخ حيث لم يعتبروا بما يجري عليهم. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٦ صـ ﴾