﴿ قُلْ ﴾ خطابٌ لرسول الله ﷺ إثرَ تسليته بما ذكر من مصير أمرِهم إلى الهلاك وأمرٌ له عليه السلام بأن يقول لأولئك المستهزئين بطريق التقريع والتبكيت :﴿ مَن يَكْلَؤُكُم ﴾ أي يحفظكم ﴿ باليل والنهار مِنَ الرحمن ﴾ أي من بأسه الذي تستحقون نزولَه ليلاً أو نهاراً، وتقديمُ الليل لما أن الدواهيَ أكثرُ فيه وقوعاً وأشدُّ وقعاً، وفي التعرض لعنوان الرحمانيةِ إيذانٌ بأن كالِئَهم ليس إلا رحمتُه العامةُ، وبعد ما أُمر عليه السلام بما ذكر من السؤال على الوجه المذكور حسبما تقتضيه حالُهم لأنهم بحيث لولا أن الله تعالى يحفظهم في المَلَوَيْن لحل بهم فنون الآفاتِ، فهم أحقّاءُ بأن يكلفوا الاعترافَ بذلك فيوبخوا على ما هم عليه من الإشراك، أُضرب عن ذلك بقوله تعالى :﴿ بَلْ هُمْ عَن ذِكْرِ رَبّهِمْ مُّعْرِضُونَ ﴾ ببيان أن لهم حالاً أخرى مقتضيةً لصرف الخطابِ عنهم هي أنهم لا يُخطِرون ذكرَه تعالى ببالهم، فضلاً أن يخافوا بأسَه ويعدّوا ما كانوا عليه من الأمن والدعَةِ حفظاً وكَلاءةً حتى يسألوا عن الكالِىءِ على طريقة قول من قال
عُوجوا فحيُّوا لنعمى دِمنةَ الدار... ماذا تُحيُّون من نُؤْيٍ وأحجارِ