وقال الشيخ الشعراوى :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ (٥١) ﴾
نلاحظ أن الحق سبحانه بدأ تسليته لرسوله ﷺ بذِكْر طرف من قصة موسى، ثم ثنَّى بقصة إبراهيم، مع أن إبراهيم عليه السلام سابقٌ لموسى، فلماذا؟ لأن موسى له صِلَة مباشرة باليهود وقريب منهم، وكان اليهود معه أهلَ جَدَل وعناد.
ومعنى ﴿ رُشْدَهُ... ﴾ [ الأنبياء : ٥١ ] الرُّشْد : اهتداء العقل إلى الأكمل في الصلاح والأعلى في الخير، بحيث لا يأتي بعد الصلاح فسادٌ، ولا بعد الخير شر، ولا يُسلمك بعد العُلو إلى الهبوط، هذا هو الرُّشْد. أما أنْ يجرَّك الصلاح الظاهر إلى فساد، أو يُسلِمَك اليخر إلى شر، فليس في ذلك رُشْدٌ.
والآن نسمعهم يتحدثون عن الفنون الجميلة، ويستميلون الناس بشعارات برّاقة أعجبتْ الناس حتى وصلت بهم الجرأة إلى أنْ قالوا عن الرقص : فنٌّ راقٍ وفنّ جميل.. سبحان الله، الرقص كما قلتم لو أنه فعلاً راقٍ وجميل، وظل كذلك إلى آخر الطريق، ولم ينحدر إلى شيء قبيح وهابط، ماذا يحدث حين يجلس الرجل أمام راقصة تُبدِي من مفاتنها وحركاتها ما لا تُحسنه زوجته في البيت؟ كم بيوت خَرِبَتْ وأُسرَ تهدمت بسبب راقصة، فأيُّ رقيٍّ؟ وأيُّ جمال في هذا الفن؟!
لذلك ؛ فالإمام علي - كرَّم الله وجهه - لخَّص هذه المسألة فقال :" لا شَرَّ في شَرٍّ بعده الجنة، ولا خيرَ في خير بعده النار ".
إذن : على الإنسان أن ينتبه إلى الرُّشْد الذي هو اهتداء العقل إلى الصالح الأعلى أو إلى الكمال الأعلى أو الخير الأعلى. وهذا الرُّشْد له اتجاهان : رُشْد البِنْية، ورُشْد المعنى.