﴿فَنَظَرَ نَظْرَةً فِى النجوم * فَقَالَ إِنّي سَقِيمٌ﴾ [ الصافات : ٨٨، ٨٩ ] وأصبح من الغد معصوباً رأسه فخرج القوم لعيدهم ولم يتخلف أحد غيره فقال : أما والله لأكيدن أصنامكم، وسمع رجل منهم هذا القول فحفظه عليه ثم إن ذلك الرجل أخبر غيره وانتشر ذلك في جماعة فلذلك قال تعالى :﴿قَالُواْ سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ﴾ واعلم أن كلا الوجهين ممكن.
ثم تمام القصة أن إبراهيم عليه السلام لما دخل بيت الأصنام وجد سبعين صنماً مصطفة، وثم صنم عظيم مستقبل الباب وكان من ذهب وكان في عينيه جوهرتان تضيئان بالليل، فكسرها كلها بفأس في يده حتى لم يبق إلا الكبير، ثم علق الفأس في عنقه.
أما قوله تعالى :﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾ ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
إن قيل لم قال :﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذاً﴾ وهذا جمع لا يليق إلا بالناس، جوابه : من حيث اعتقدوا فيها أنها كالناس في أنها تعظم ويتقرب إليها، ولعل كان فيهم من يظن أنها تضر وتنفع.
المسألة الثانية :
قال صاحب "الكشاف" : جذاذاً قطعاً من الجذ وهو القطع، وقرىء بالكسر والفتح وقرىء جذاذاً جمع جذيذ وجذذاً جمع جذة.
المسألة الثالثة :
إن قيل ما معنى :﴿إِلاَّ كَبِيراً لَّهُمْ﴾ قلنا : يحتمل الكبير في الخلقة ويحتمل في التعظيم ويحتمل في الأمرين.
وأما قوله :﴿لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ﴾ فيحتمل رجوعهم إلى إبراهيم عليه السلام، ويحتمل رجوعهم إلى الكبير.
أما الأول : فتقريره من وجهين : الأول : أن المعنى أنهم لعلهم يرجعون إلى مقالة إبراهيم ويعدلون عن الباطل.


الصفحة التالية
Icon